تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بل أهل السُّنَّة والجماعة عُرفوا بالصدق في مناصحة الحكام والصدع بالحقّ بأسلوب الحكمة والموعظة الحسنة، من غير تعنيف ولا غلظة ولا فَظَاظَة، ولا تحريض على التكفير والتفجير ولا أسلوب الفجاجة وكلمات السوء والمنكر؛ لأنّ مناصحة أئمِّة المسلمين منافية للغلّ والغِشّ كما أخبر النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بقوله: «ثَلاَثٌ لاَ يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ المُؤْمِنِ: إِخْلاَصُ العَمَلِ، وَالنَّصِيحَةُ لِوَلِيِّ الأَمْرِ -وفي لفظ: طَاعَةُ ذَوِي الأَمْرِ (15 - أخرجه أحمد: (16312)، من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه (**********: AppendPopup(this,'pjdefOutline_15')))- وَلُزُومُ الجَمَاعَةِ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ» (16 - أخرجه الترمذي في «العلم» باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع: (2658)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وابن ماجه في «المقدمة»: (230)، وابن حبان: (680)، من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، وأخرجه ابن ماجه في «المناسك» باب الخطبة يوم النحر: (3056)، والدارمي في «سننه»: (232)، والحاكم في «المستدرك»: (294)، وأحمد: (16296)، من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه. قال ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» (1/ 217): «إسناده جيّد»، وصححه ابن حجر في «موافقة الخبر الخبر»: (1/ 364)، والألباني في «صحيح الجامع»: (6766) (**********: AppendPopup(this,'pjdefOutline_16'))).

إنّ أهل السُّنَّة والجماعة يَزْهَدون في المناصب والولايات، ولا يطمحون فيما عند الحكام من الدنيا والجاه، ولا يداهنونهم بدينهم، ولا يتاجرون بعلمهم، ولا ينافقون غيرهم، ويعلمون أنّ «مَنْ أَتَى السُّلْطَانَ افْتُتِنَ» (17 - أخرجه أبو داود في «الصيد» باب في اتباع الصيد: (2859)، والترمذي في «الفتن»: (2256)، والنسائي في «الصيد» باب في اتباع الصيد (4309)، وأحمد: (3352)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (20834)، والطبراني في «الكبير»: (11030)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «صحيح الجامع»: (6296) (**********: AppendPopup(this,'pjdefOutline_17')))، سالكين معهم منهجَ الإسلامِ في الاعتدال والتوسّط في الحبِّ والبُغض في الله من غير إفراط ولا تفريط.

وهم يفرِّقون بين النظام الذي تتبنَّى فيه الدولةُ الإسلامَ وتحكم به، وبين من تتنكّر له وتتحاكم إلى غيره، لذلك لا يتسابقون إلى مقاعد البرلمان، ولا يزاحمون غيرهم على المجالس النيابية لعلمهم بأنها اعتداءٌ على حقِّ الله تعالى في الحكم، فيمنعون أنفسَهم أن يكونوا مطية للقوانين الوضعية، وسبيلاً إلى تشريكها مع حكم الله تعالى، قال تعالى: ?وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا? [الكهف: 26]، وقال تعالى: ?إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ للهِ? [الأنعام: 57]، وقال تعالى: ?وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ? [الشورى: 10].

كما لا يتَّخذون الحزبيةَ المتناحرةَ والمتصارعةَ التي يعقدون عليها الولاءَ والبراءَ ليصلوا بها إلى الحقّ بالباطل، وفاقًا لنظريات فكرية غربية، فأهل البدع والأهواء أسرع الناس تطبيقًا لهذه القاعدة الميكافيلية «الغاية تبرر الوسيلة»، لذلك كانت المطالبُ الدنيويةُ حَكْرًا عليهم، يداهنون الحكام ويمدحونهم على ما هم عليه من الباطل، ويزيِّنونه لهم، ويتاجرون بعِلمهم، ويشاركونهم في كلّ ما نهى الله عنه وزجر: من بناءِ القبور، وتشييدِ الأضرحة للعكوف عندها والذبح لها، والاحتفالِ بالمواسم البدعية، وتسهيلِ الدعوات التنصيرية، وفتحِ مجالات الرِّبا ويسمّونه بغير اسمه، ومجالاتِ الزِّنا والخَنَا والفسوقِ والفجورِ وكلِّ ما يضادُّ شريعةَ الإسلامِ وأحكامَهِ بدعوى مسايرة الغرب في أخلاقه وتقدّمه؟! وينسبون كلّ البلايا والرزايا لأهل الحقّ والإيمان والسُّنَّة: من سفك دماء المسلمين، واغتصاب أموالهم، وهتكِ أعراضهم، ثمّ يضيِّقون عليهم مجالاتِ الدعوةِ: من مساجد ومراكز وقاعات وغيرها، ويعدّون ذلك انتصارًا مؤزّرًا وفتحًا مُبينًا، ويؤلِّبون الحاكمَ وأعوانَه عليهم، ويظنّ بعضُهم أنه لو طرد خطيبًا سلفيًّا من مسجدٍ أنه استردّ بذلك المسجدَ الأقصى من أيدي اليهود، ويجادل قُرَّاؤُهم ومُفكِّرُوهم ومثقَّفوهم مسائلَ معلومةً من الدِّين بالباطل ليدحضوا به الحقَّ،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير