تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال في المغني (6/ 298):"إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال، ولم يرث أحدهما الآخر، وإن كانت ردته بعد الدخول ففيه روايتان: إحداهما: تتعجل الفرقة. والثانى: تقف على انقضاء العدة".

وفي المغني (6/ 639):" أن انفساخ النكاح بالردة قبل الدخول قول عامة أهل العلم، واستدل له. وفيه أيضاً أن انفساخه في الحال إذا كان بعد الدخول قول مالك وأبي حنيفة، وتوقفه على انقضاء العدة قول الشافعي.

وهذا يقتضى أن الأئمة الأربعة متفقون على انفساخ النكاح بردة أحد الزوجين، لكن إن كانت الردة قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال، وإن كانت بعد الدخول فمذهب مالك وأبي حنيفة الانفساخ في الحال، ومذهب الشافعي الانتظار إلى انقضاء العدة، وعن أحمد روايتان كالمذهبين.

وفي ص (640) منه: "وإن ارتد الزوجان معاً، فحكمهما حكم ما لو ارتد أحدهما، إن كان قبل الدخول تعجلت الفرقة، وإن كان بعده فهل تتعجل أو تقف على انقضاء العدة على روايتين. وهذا مذهب الشافعي" ثم نقل عن أبي حنيفة أن النكاح لا ينفسخ استحساناً، لأنه لم يختلف بهما الدين، فأشبه ما لو أسلما، ثم نقض صاحب المغني قياسه طرداً وعكساً.

وإذ تبين أن نكاح المرتد لا يصح من مسلم سواء كان أنثى أم رجلاً، وأن هذا مقتضى دلالة الكتاب والسنة، وتبين أن تارك الصلاة كافر بمقتضى دلالة الكتاب والسنة وقول عامة الصحابة؛ تبين أن الرجل إذا كان لا يصلي وتزوج امرأة مسلمة، فإن زواجه غير صحيح، ولا تحل له المرأة بهذا العقد، وأنه إذا تاب إلى الله تعالى ورجع إلى الإسلام وجب عليه تجديد العقد. وكذلك الحكم لو كانت المرأة هي التي لا تصلي.

وهذا بخلاف أنكحة الكفار حال كفرهم، مثل أن يتزوج كافر بكافرة، ثم تسلم الزوجة فهذا إن كان إسلامها قبل الدخول انفسخ النكاح، وإن كان إسلامها بعده لم ينفسخ النكاح، ولكن ينتظر فإن أسلم الزوج قبل انقضاء العدة فهي زوجته، وإن انقضت العدة قبل إسلامه فلا حق له فيها، لأنه تبين أن النكاح قد انفسخ منذ أن أسلمت.

وقد كان الكفار في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يسلمون مع زوجاتهم، ويقرهم النبي صلى الله عليه و سلم على أنكحتهم، إلا أن يكون سبب التحريم قائماً، مثل أن يكون الزوجان مجوسيين وبينهما رحم محرم، فإذا أسلما حينئذ فرق بينهما لقيام سبب التحريم.

وهذه المسالة ليست كمسألة المسلم الذي كفر بترك الصلاة، ثم تزوج مسلمة، فإن المسلمة لا تحل للكافر بالنص والإجماع كما سبق ولو كان الكافر أصلياً غير مرتد، ولهذا لو تزوج كافر مسلمة فالنكاح باطل، ويجب التفريق بينهما، ولو أسلم وأراد أن يرجع إليها لم يكن له ذلك إلا بعقد جديد.

7 - حكم أولاد تارك الصلاة من مسلمة تزوج بها:

فأما بالنسبة للأم فهم أولاد لها بكل حال.

وإما بالنسبة للزوج فعلى قول من لا يرى كفر تارك الصلاة فهم أولاده يلحقون به بكل حال؛ لأن نكاحه صحيح. وأما على قول من يرى كفر تارك الصلاة وهو الصواب على ما سبق تحقيقه في الفصل الأول فإننا ننظر:

* فإن كان الزوج لا يعلم أن نكاحه باطل، أو لا يعتقد ذلك، فالأولاد أولاده يلحقون به، لأن وطأه في هذه الحال مباح في اعتقاده، فيكون وطء شبهة، ووطء الشبهة يلحق به النسب.

* وإن كان الزوج يعلم أن نكاحه باطل ويعتقد ذلك، فإن أولاده لا يلحقون به، لأنهم خلقوا من ماء من يرى أن جماعه محرم لوقوعه في امرأة لا تحل له.

ثانياً: الأحكام الأخروية المترتبة على الردة:

1 - أن الملائكة توبخه وتقرعه، بل تضرب وجوههم وأدبارهم، قال الله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ) (الأنفال: 50 - 51).

2 - أنه يحشر مع أهل الكفر والشرك لأنه منهم، قال الله تعالى: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ) (الصافات:22 - 23). والأزواج جمع (زوج) وهو (الصنف) أي احشروا الذين ظلموا ومن كان من أصنافهم من أهل الكفر والظلم.

3 - الخلود في النار أبد الآبدين؛ لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا) (الأحزاب: الآيات 64 – 66).

وإلى هنا انتهى ما أردنا القول فيه في هذه المسألة العظيمة التي ابتلي بها كثير من الناس.

* وباب التوبة مفتوح لمن أراد أن يتوب. فبادر أخي المسلم إلى التوبة إلى الله عز وجل مخلصاً لله تعالى، نادماً على ما مضى، عازماً على ألا تعود، مكثراً من الطاعات، فـ (مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً) (الفرقان: الآيتان 70 – 71).

أسأل الله تعالى أن يهيئ لنا من أمرنا رشداً، وأن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم، صراط الذين انعم الله عليهم من النبيين، والصديقين والشهداء، والصالحين، غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

تم بقلم الفقير إلى الله تعالى

محمد الصالح العثيمين

في 23/ 2/1407هـ

(22) ( http://ebook/binothaimeen_com-04.htm#_ftnref1) رواه البخاري، كتاب الفرائض، باب "لا يرث المسلم الكافر" رقم (6764) ومسلم، كتاب الفرائض، باب لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم رقم (1614).

(23) ( http://ebook/binothaimeen_com-04.htm#_ftnref2) وفي مجمع الأنهر للحنفية آخر باب نكاح الكافر (1/ 202): (ولا يصح تزوج المرتد ولا المرتدة أحداً) لإجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير