تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [[النحل: 89]، فهو هدى وبشرى للمسلمين والمحسنين، وفي يونس:] يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ

وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ [[يونس: 57] [24].

طريقة الوصول إلى تفسير القرآن بالقرآن:

التفسير إما أن يكون طريقه النقل، وإما أن يكون طريقه الاستدلال، والأول: يطلق عليه (التفسير المأثور)، والثاني: يطلق عليه (التفسير بالرأي).

ومن هنا فإن تصنيف (تفسير القرآن بالقرآن)، في أحدهما يكون بالنظر إلى

القائل به أولاً، لا إلى طريقة وصوله إلى ما بعد القائل؛ لأن ذلك طريقهُ الأثر.

وتفسير القرآن بالقرآن ينسب إلى الذي فسّر به، فالمفَسّر هو الذي عَمَدَ

اجتهاداً منه إلى الربط بين آية وآية، وجعل إحداهما تفسر الآخرى.

وبهذا فإن طريق الوصول إليه هو الرأي والاستنباط، وعليه فإنه لا يلزم

قبول كل قول يرى أن هذه الآية تفسر هذه الآية؛ لأن هذا الاجتهاد قد يكون غير

صواب.

كما أنه إذا ورد تفسير القرآن بالقرآن عن مفسر مشهور معتمد عليه فإنه يدلّ

على علو ذلك الاجتهاد؛ لأنه من ذلك المفسر.

فورود التفسير به عن عمر بن الخطاب أقوى من وروده عن من بعده من

التابعين وغيرهم، وهكذا.

حُجّيّةُ تَفْسير القرآن بالقرآن:

كلما كان تفسير القرآن بالقرآن صحيحاً، فإنه يكون أبلغ التفاسير، ولذا: فإن

ورُود تفسير القرآن بالقرآن عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أبلغ من وروده عن

غيره؛ لأن ما صح مما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مَحَلّهُ القبول.

بيد أن قبوله لم يكن لأنه تفسير قرآن بقرآن، بل لأن المفسّر به هو النبي -

صلى الله عليه وسلم-.

ومن أمثلة تفسيره القرآن بالقرآن ما رواه ابن مسعود: أن رسول الله -صلى

الله عليه وسلم- قال:» مفاتح الغيب [25] خمسٌ،] إنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ

وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ

بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [[لقمان: 34] [26].

أما ورود تفسير القرآن بالقرآن عن غير الرسول فإنه قد قيل باجتهاد المفسر،

والاجتهاد معرض للخطأ.

وبهذا لا يمكن القول بحجيّة تفسير القرآن بالقرآن مطلقاً، بحيث يجب قبوله

ممن هو دون النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل هو مقيد بأن يكون ضمن الأنواع

التي يجب الأخذ بها في التفسير [27].

هذا .. وقد سبق البيان أن تفسير القرآن بالقرآن يكون أبلغ التفاسير إذا كان

المفسّرُ به من كبار المفسرين من الصحابة ومن بعدهم من التابعين.

وأخيراً:

فإن كون تفسير القرآن بالقرآن من التفسير بالرأي، لا يعني صعوبة الوصول

إليه في كل حالٍ، بل قد يوجد من الآيات ما تفسّر غيرها ولا يكاد يختلف في

تفسيرها اثنان، مثل تفسير» الطارق «في قوله (تعالى):] وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ [

[الطارق: 1] بأنه يُفسر بقوله (تعالى):] النَّجْمُ الثَّاقِبُ [[الطارق: 3]، ومثل

هذا كثيرٌ في القرآن، والله أعلم.


(1) مقدمة في أصول التفسير، (ت: د عدنان زرزور)، ص93 وما بعدها.
(2) انظر: البرهان في علوم القرآن، ج2، ص156 - 164.
(3) شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمته في (أصول التفسير)، (ت: عدنان زرزور)، ص93.
(4) ابن القيم في (التبيان في أقسام القرآن)، (ت: طه شاهين)، ص116.
(5) رواه الإمام البخاري، انظر: فتح الباري (ط: الريان)، ج6، ص 448، ح3360.
(6) أضواء البيان، ج1، ص87.
(7) التفسير والمفسرون، ج1، ص42.
(8) مفاتح الرضوان في تفسير الذكر بالآثار والقرآن، للأمير الصنعاني، تحقيق عبد الله بن سوفان الزهراني (رسالة ماجستير، على الآلة الكاتبة) ص71، 72، وانظر: الأمثلة التي سبق نقلها عن الشنقيطي ومحمد حسين الذهبي.
(9) تنقسم الكتابة في متشابه القرآن إلى قسمين: الأول: ما يتعلق بالمواضع التي يقع فيها الخطأ في الحفظ لتشابهها، وهذه الكتب تخص القراء الثاني: ما يتعلق بالخلاف في التفسير بين الآيات المتشابهة، وهذا المقصود هنا، ككتاب (البرهان في متشابه القرآن) للكرماني وغيره.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير