تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ضعفا و قد اخذ العذاب من الكفار مأخذه و انكسرت تلك النفوس و نهكها العذاب و أذاب منها خبثا و شرا لم يكن يحول بينها و بين رحمته لها في الدنيا بل كان يرحمها مع قيام مقتضى العقوبة و الغضب بها فكيف إذا زال مقتضى الغضب و العقوبة و قوى جانب الرحمة أضعاف اضعاف الرحمة في هذه الدار و اضمحل الشر و الخبث الذي فيها فأذابته النار و أكلته و سر الأمر أن أسماء الرحمة والإحسان أغلب و أظهر و أكثر من أسماء الانتقام و فعل الرحمة اكثر من فعل الانتقام و ظهور آثار الرحمة اعظم من ظهور آثار الانتقام و الرحمة احب إليه من الانتقام و بالرحمة خلق خلقه و لها خلقهم و هي التي سبقت غضبه و غلبته و كتبها على نفسه و وسعت كل شيء وما خلق بها فمطلوب لذاته وما خلق بالغضب فمراد لغيره كما تقدم تقرير ذلك و العقوبة تأديب و تطهير و الرحمة إحسان و كرم و جود و العقوبة مداواة و الرحمة عطاء و بذل الوجه الخامس و العشرون انه سبحانه و تعالى لا بد إن يظهر لخلقه جميعهم يوم القيامة صدقه و صدق رسله و إن أعداؤه كانوا هم الكاذبين المفترين و يظهر لهم حكمه الذي هو اعدل حكم في أعدائه و انه حكم فيهم حكما يحمدونه هم عليه فضلا عن أوليائه و ملائكته و رسله بحيث ينطق الكون كله بالحمد لله رب العالمين و لذلك قال تعالى {و قضى بينهم بالحق و قيل الحمد لله رب العالمين} فحذف فاعل القول لإرادة الإطلاق وأن ذلك جار على لسان كل ناطق و قلبه قال الحسن لقد دخلوا النار و إن قلوبهم لممتلئة من حمده ما وجدوا عليه سبيلا و هذا هو الذي حسن حذف الفاعل من قوله {قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها} حتى كان الكون كله قائل ذلك لهم إذ هو حكمه العدل فيهم و مقتضى حكمته و حمده و أما أهل الجنة فقال تعالى {و قال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين} فهم لم يستحقوها بأعمالهم و إنما استحقوها بعفوه و رحمته و فضله فإذا اشهد سبحانه وتعالى ملائكته و خلقه كلهم حكمه العدل و حكمته الباهرة و ضعه العقوبة حيث تشهد العقول و الفطر و الخليقة أنه أولى المواضع و أحقها بها و إن ذلك من كمال حمده الذي هو مقتضى أسمائه و صفاته و إن هذه النفوس الخبيثة الظالمة الفاجرة لا يليق بها غير ذلك و لا يحسن بها سواه بحيث تعترف بها هي من ذواتها بأنها أهل ذلك و إنها أولى به حصلت الحكمة التي لأجلها وجد الشر و موجباته في هذه الدار و تلك الدار و ليس في الحكمة الإلهية إن الشرور تبقى دائما لا نهاية لها و لا انقطاع أبدا فتكون هي و الخيرات في ذلك على حد سواء فهذا نهاية أقدام الفريقين في هذه المسئلة .. .

عن الشاملة

ـ[عيد فهمي]ــــــــ[05 - 03 - 08, 05:45 م]ـ

جزاك الله خيرا

وهذا شرح لابن القيم رحمه الله تعالى لمقولته بالتفصيل -إن شاء الله- في كتابه "حادي الأرواح" بتصرف يسير - أرجو التنبه لما كتب بالأزرق-

قال رحمه الله:و قد دل السمع دلالة قاطعة على دوام ثواب المطيعين و أما عقاب العصاة فقد دل السمع أيضا دلالة قاطعة على انقطاعه في حق الموحدين و أما دوامه و انقطاعه في حق الكفار فهذا معترك النزال فمن كان السمع من جانبه فهو أسعد بالصواب وبالله التوفيق

فصل

و نحن نذكر الفرق بين دوام الجنة و النار شرعا و عقلا و ذلك يظهر من وجوه:

أحدها: أن الله سبحانه و تعالى أخبر ببقاء نعيم أهل الجنة ودوامه و أنه لا نفاد له و لا انقطاع و أنه غير مجذوذ و أما النار فلم يخبر عنها بأكثر من خلود أهلها فيها و عدم خروجهم منها و أنهم لا يموتون فيها و لا يحيون و أنها مؤصدة عليهم و أنهم كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها و أن عذابها لازم لهم و أنه مقيم عليهم لا يفتر عنهم و الفرق بين الخبرين ظاهر

الوجه الثاني: أن النار قد أخبر سبحانه و تعالى في ثلاث آيات عنها بما يدل على عدم أبديتها الأولى قوله سبحانه و تعالى {قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم} و الثانية قوله {خالدين فيها ما دامت السموات و الأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد} الثالثة قوله {لابثين فيها أحقابا}

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير