تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال {و لو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد و لا نكذب بآيات ربنا و نكون من المؤمنين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه و إنهم لكاذبون} فهذا إنما قالوه قبل إن يستخرج العذاب منهم تلك الخبائث فأما إذا لبثوا في العذاب أحقابا و الحقب كما رواه الطبراني في معجمه من حديث أبي امامة رضي الله عنه عن النبي انه قال الحقب خمسون ألف سنة فانه من الممتع أن يبقى ذا الكبر و الشرك و الخبث بعد هذه المدد المتطاولة في العذاب ....

الوجه الرابع و العشرون إن جانب الرحمة أغلب في هذه الدار من الباطلة الفانية الزائلة عن قرب من جانب العقوبة و الغضب و لولا ذلك لما عمرت و لا قام لها وجود كما قال تعالى {و لو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا} {ما ترك عليها من دابة} فلولا سعة رحمته و مغفرته و عفوه لما قام العالم و مع هذا فالذي أظهره من الرحمة في هذه الدار وأنزله بين الخلائق جزء من مائة جزء من الرحمة فإذا كان جانب الرحمة قد غلب في هذه الدار و نالت البر و الفاجر و المؤمن و الكافر مع قيام مقتضى العقوبة به و مباشرته له و تمكنه من إغضاب ربه و السعي في مساخطته فكيف لا يغلب جانب الرحمة في دار تكون الرحمة فيها مضاعفة على ما في هذه الدار تسعة و تسعين ضعفا و قد اخذ العذاب من الكفار مأخذه و انكسرت تلك النفوس و نهكها العذاب و أذاب منها خبثا و شرا لم يكن يحول بينها و بين رحمته لها في الدنيا بل كان يرحمها مع قيام مقتضى العقوبة و الغضب بها فكيف إذا زال مقتضى الغضب و العقوبة و قوى جانب الرحمة أضعاف اضعاف الرحمة في هذه الدار و اضمحل الشر و الخبث الذي فيها فأذابته النار و أكلته و سر الأمر أن أسماء الرحمة والإحسان أغلب و أظهر و أكثر من أسماء الانتقام و فعل الرحمة اكثر من فعل الانتقام و ظهور آثار الرحمة اعظم من ظهور آثار الانتقام و الرحمة احب إليه من الانتقام و بالرحمة خلق خلقه و لها خلقهم و هي التي سبقت غضبه و غلبته و كتبها على نفسه و وسعت كل شيء وما خلق بها فمطلوب لذاته وما خلق بالغضب فمراد لغيره كما تقدم تقرير ذلك و العقوبة تأديب و تطهير و الرحمة إحسان و كرم و جود و العقوبة مداواة و الرحمة عطاء و بذل الوجه الخامس و العشرون انه سبحانه و تعالى لا بد إن يظهر لخلقه جميعهم يوم القيامة صدقه و صدق رسله و إن أعداؤه كانوا هم الكاذبين المفترين و يظهر لهم حكمه الذي هو اعدل حكم في أعدائه و انه حكم فيهم حكما يحمدونه هم عليه فضلا عن أوليائه و ملائكته و رسله بحيث ينطق الكون كله بالحمد لله رب العالمين و لذلك قال تعالى {و قضى بينهم بالحق و قيل الحمد لله رب العالمين} فحذف فاعل القول لإرادة الإطلاق وأن ذلك جار على لسان كل ناطق و قلبه قال الحسن لقد دخلوا النار و إن قلوبهم لممتلئة من حمده ما وجدوا عليه سبيلا و هذا هو الذي حسن حذف الفاعل من قوله {قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها} حتى كان الكون كله قائل ذلك لهم إذ هو حكمه العدل فيهم و مقتضى حكمته و حمده و أما أهل الجنة فقال تعالى {و قال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين} فهم لم يستحقوها بأعمالهم و إنما استحقوها بعفوه و رحمته و فضله فإذا اشهد سبحانه وتعالى ملائكته و خلقه كلهم حكمه العدل و حكمته الباهرة و ضعه العقوبة حيث تشهد العقول و الفطر و الخليقة أنه أولى المواضع و أحقها بها و إن ذلك من كمال حمده الذي هو مقتضى أسمائه و صفاته و إن هذه النفوس الخبيثة الظالمة الفاجرة لا يليق بها غير ذلك و لا يحسن بها سواه بحيث تعترف بها هي من ذواتها بأنها أهل ذلك و إنها أولى به حصلت الحكمة التي لأجلها وجد الشر و موجباته في هذه الدار و تلك الدار و ليس في الحكمة الإلهية إن الشرور تبقى دائما لا نهاية لها و لا انقطاع أبدا فتكون هي و الخيرات في ذلك على حد سواء فهذا نهاية أقدام الفريقين في هذه المسئلة .. .

عن الشاملةأصلحك الله

كلام الإمام ابن القيم رحمه الله الذي نقلتَه فيه مؤاخذات كثيرة وقد تناوله أهل العلم بالأخذ والرد قبل ذلك

وقد قصرتُ موضوعي على كلمة معينة وطرحتُها للنقاش

أما لو فتحنا الباب لمناقشة جميع ما نقلتَه من كلام الإمام ابن القيم لطال الأمر وانقطعت دونه الأنفاس

والله ولي التوفيق

ـ[عبدالرحمن الناصر]ــــــــ[05 - 03 - 08, 07:53 م]ـ

أحسن الله إليك

ليس السؤال عن بقاء شرهم بعد فنائهم فهذا لا يعقل

وإنما السؤال عن زوال شرهم قبل فنائهم فهذا هو المقصود

وإلا فلو كانوا سيفنون مع بقاء شر في نفوسهم يفنى معهم فما معنى عذابهم من البداية ولماذا لم يُفنوا مع شرهم بغير عذاب؟

فإن قيل: إنما عُذبوا مقابلة لما اقترفوا من الشر فإذا زال هذا الشر تم إفناؤهم عاد السؤال كما هو فتأمل.

ولماذا يُفنَون بعد زوال شرهم!!

وهل هناك موت وفناء بعد الموت؟!

يعني لو مات شخص في " الدنيا " فهل سيموت مرة أخرى في " الآخرة "؟!

ولعل ابن القيم رحمه الله يتكلم عن النفوس البشرية.

أما ابليس فيُفنى مع النار لأنه من نار والشر لا يزول عنه كما أنه ليس من جنس البشر " طبعا هذا حسب الرأي القائل بفناء النار ".

وحتى لو أن ابن القيم رحمه الله كان يقصد النفوس البشرية والغير بشرية،

فإذا أطلقنا حكما وقاعدة عامة فالشاذ لا حكم له، وابليس من الشواذ.

والله أعلم.

حفظكم الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير