2ـ دعوى تركيب الموجودات من الجواهر المنفردة والأعراض، لم يقله أحد من السلف ولا أئمة المسلمين، وترفض هذه النظرية معظم المدارس الفلسفية من اليونان وغيرهم، وأكثر طوائف أهل الكلام كالنجارية والضرارية والهشامية والكلابية والسالمية وكثير من الكرامية مع أكثر الفلاسفة، ولم يقل به إلا طائفة من أهل الكلام، قال د. حسن الشافعي: «تعرضت فكرة الجوهر والعرض لألوان من النقد من كثير من المفكرين»، ونقل إجماع السلف جماعة، قال قوام السنة الأصبهاني (ت 535هـ): «أنكر السلف الكلام في الجواهر والأعراض، وقالوا: لم يكن على عهد الصحابة والتابعين»، وقال ابن عقيل (ت513هـ): «أنا أقطع أن الصحابة ماتوا وما عرفوا الجوهر والعرض، فإن رضيت أن تكون مثلهم فكن، وإن رأيت أن طريقة المتكلمين أولي من طريقة أبي بكر وعمر فبئس ما رأيت».
3ـ اتصاف المخلوقات بصفاتها لايقال عنه تركيب، وزعمهم أن الأشياء تتركب من جوهر وعرض؛ وإطلاقهم لفظ التركيب على هذا المعنى لايعرف لا في لغة العرب ولا لغة أمة من الأمم، فلا يعرف في اللغة إطلاق اسم المركب على ماله لون وطعم ورائحة، فالتفاحة مثلاً لها لون وطعم ورائحة، ولا تسمى في اللغة المعروفة مركبة، ولا يسمى ذلك أجزاءاً لها.
4ـ اهتزاز فكرة الجوهر الفرد عند القائلين به مما أدي بهم إلى الشك في أخر أعمارهم مثل الرازي والآمدي وغيرهم، فالرازي مثلاً أنكرها وتوقف فيها وأثبتها، فقد أثبتها في أول كتبه وأوسطها و آخرها "المطالب العالية"، وحار فيها بين ذلك، ونقدها الآمدي نقداً تفصيلاً، ولم يذكرها جماعة من الباحثين في المنطق إطلاقاً.
5ـ يستحيل البرهنة على هذه النظرية، وتعمم دون حجة علمية، ولا توجد قاعدة ولا دليل معتبر لها، ولذا ذهب الآمدي ـ وهو من أساطين الفلاسفة ـ إلى أن المقولات العشر مدخولة، ويرى د. حسن الشافعي أن هذا الدليل: «يقوم على فروض ليس من السهل البرهنة عليها، ولأنه يعمد إلى التعميم دون حجة علمية».
6ـ الاختلاف بين المناطقة في أقسام كل من الجوهر والعرض، والتفاوت الكبير بين هذه الأقسام، واختلافهم في تعريف الجوهر والعرض، قال الإيجي: «ولم يأتوا في الحصر بما يصلح للاعتماد عليه»، وقد تقدم تشكيك الغزالي وغيره في أقسام الجوهر والعرض.
7ـ الجوهر دون صفات هو العدم، وهو من اختلاق خيال الفلاسفة أهل المنطق، ولاوجود له في الأعيان، وممتنعة الوجود في الخارج، ومحلها الذهن فقط، ولذا قالوا في صفاته: إنه ليس للجوهر لون ولا طعم ولا رائحة ولا صوت ولا برودة ولا غيرها من صفات الموجودات.
وبناء على هذه النظرية يخيل للناظر أنه إذا ما جرد الصفات عن حاملها واحدة بعد واحدة بقي الحامل (الجوهر) خالصاً من صفاته، أو جوهراً صافياً، وهذا لا يكون.
8ـ هذه النظرية تتضمن ما يخالف العقل والحس والفطرة، كإنكار الأسباب، وزعمهم أن الأجسام متماثلة في الجواهر مختلفة في الأعراض فقط، فمثلاً الثلج مماثل للنار من كل وجه، وأبطل بعضهم علم الهندسة كله لأجلها، قال التفتازاني: «إن الأجسام متماثلة، أي متحدة الحقيقة، وإنما الاختلاف بالعوارض، وهذا أصل يبتني عليه كثير من قواعد الإسلام، كإثبات القادر المختار، وكثير من أحوال النبوة والمعاد».
أخطار نظرية الجوهر والعرض:
1ـ هذه النظرية تثير الشكوك والشبهات في العقائد الكلامية، لذلك لا تخفى حالة القائلين بها في آخر حياتهم من الشك والحسرة والندم، ولذلك يرى د. حسن الشافعي: «إبعاد هذا الدليل عن المجال العقائدي، ... لأنه يثير شكوكاً من الأفضل تجنب العقائد أخطارها».
2ـ هذه النظرية مرتبطة عند الفلاسفة الأوائل ـ أبيقور ومن وافقه ـ بالإلحاد وإنكار الخالق سبحانه وتعالى.
3ـ هذه النظرية وما تولد منها سبب في تسلط الملاحدة على أهل الكلام، وصولتهم عليهم، وقدحهم فيما جاءت به الرسل عليهم السلام، فهم كما قيل: لا الإسلام نصروا، ولا الفلاسفة كسروا، لأنها تهدم قواعد الشريعة، وعلى سبيل المثال صار ماذكره هؤلاء في المعاد مما قوى شبهة المتفلسفة في إنكار المعاد.
4ـ العرض في اللغة يجب تنزيه الله تعالى عنه، أما تسمية الصفات أعراضاً ثم نفيها فهذا باطل وتلبيس، والواجب التوقف والاستفصال عن هذه المعاني الباطلة.
4ـ «من تدبر عامة بدع الجهمية ونحوهم وجدها ناشئة عن مباحث هذه الدعوى والحجة، ولهذا كان السلف والأئمة يذمون كلامهم في الجواهر والأعراض، وبناءهم علم الدين على ما ذكروه من هذه المقدمات. انتهى
وهذا رابط لموضوع تقدم في هذه المسألة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=108632&highlight=%E4%DE%CF+%E4%D9%D1%ED%C9+%C7%E1%CC%E6%E 5%D1+%E6%C7%E1%DA%D1%D6 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=108632&highlight=%E4%DE%CF+%E4%D9%D1%ED%C9+%C7%E1%CC%E6%E 5%D1+%E6%C7%E1%DA%D1%D6)
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[18 - 11 - 08, 08:26 م]ـ
لأخي عبد الله العلي تنبه أني صدرت المقال بما يلي:
فقد وقفت خلال بحثي في النت على هذه المقالة لم أعرف كاتبها وقد وجدت فيها فوائد إن شاء الله في نقض أصل من أصول الأشاعرة فجزى الله كاتبها خيرا.