تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولهذا كانتْ سورةُ الإخلاصِ تعْدِلُ ثلثَ القرآنِ ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn2))؛ لأنَّها أُخْلِصَتْ للخبرِ عن الربِّ تعالى، وصفاتِهِ دونَ خلقِهِ، وأحكامِهِ، وثوابِهِ، وعقابِهِ.

وسمِعَ النبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ رَجُلاً يدْعُو: (اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ بأنَّكَ أنتَ اللَّهُ الذي لا إلهَ إلاَّ أنتَ المنَّانُ، بديعُ السماواتِ والأرضِ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ يا حيُّ يا قيُّومُ)، وسَمِعَ آخرَ يدْعُو: (اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ بأنِّي أشهدُ أنَّكَ أنتَ اللَّهُ الذي لا إلهَ إلاَّ أنتَ الأحدُ الصمدُ الذي لمْ يلِدْ ولمْ يُولَدْ ولمْ يكُنْ لهُ كُفُواً أحدٌ)، فقالَ لأحدِهِما: ((لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى)) ([3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn3))، وقالَ للآخرِ: ((سَلْ تُعْطَهْ)) ([4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn4))، وذلكَ لما تضمَّنَهُ هذا الدعاءُ منْ أسماءِ الربِّ وصفاتِهِ.

وأحبُّ ما دعاهُ الداعي بهِ أسماؤُهُ وصفاتُهُ، وفي الحديثِ الصحيحِ عنهُ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- أنَّهُ قالَ: ((مَا أَصَابَ عَبْداً قَطُّ هَمٌّ وَلا حُزْنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي وَغَمِّي إِلاَّ أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَغَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحاً “، قالُوا: أَفَلا نَتَعَلَّمُهُنَّ يا رسولَ اللَّهِ، قالَ: “ بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ يَسْمَعُهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ)) ([5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn5)).

وقدْ نبَّهَ سُبحانَهُ على إثباتِ صفاتِهِ وأفعالِهِ بطريقِ المعقولِ، فاستيْقَظَتْ لتنبيهِهِ العقولُ الحيَّةُ، واستمرَّتْ على رِقْدَتِها العقولُ المَيْتَةُ، فقالَ اللَّهُ تعالى في صفةِ العلمِ: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) [الملك: 14]؛ فتأمَّلْ صحَّةَ هذا الدليلِ، معَ غايَةِ إيجازِ لفظِهِ واختصارِهِ.

وقالَ سُبحانَهُ: (أفمن يخلق كمن لا يخلق) [النحل: 17]. فما أصحَّ هذا الدليلَ، وما أوْجَزَهُ!!

وقالَ تعالى: في صفةِ الكلامِ: (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا) [الأعراف: 148]. نبَّهَ بهذا الدليلِ على أنَّ مَنْ لا يُكَلِّمُ ولا يَهْدِي لا يَصْلُحُ أنْ يكونَ إلهاً، وكذلكَ قولُهُ في الآيَةِ الأخرى عن العجلِ: (أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا) [طه: 89]. فجعلَ امتناعَ صفةِ الكلامِ والتكليمِ، وعدمَ ملكِ الضرِّ والنفعِ دليلاً على عدمِ الإلهيَّةِ، وهذا دليلٌ عقليٌّ سمعيٌّعلى أنَّ الإلهَ لا بُدَّ أنْ يُكَلِّمَ ويتكلَّمَ ويملكَ لعابدِهِ الضرَّ والنفعَ، وإلاَّ لمْ يكُنْ إلهاً.

وقالَ: (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) [البلد: 8 - 10]. نبَّهَكَ بهذا الدليلِ العقليِّ القاطعِ أنَّ الذي جعلَكَ تُبْصِرُ وتتكلَّمُ وتعلَمُ أوْلَى أنْ يكونَ بصيراً متكلِّماً عالماً، فأيُّ دليلٍ عقليٍّ قطعيٍّ أقوى منْ هذا وأبينُ وأقربُ إلى المعقولِ؟!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير