[أسماء الله الحسنى ربيع قلوب المؤمنين]
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[08 - 03 - 08, 12:51 م]ـ
إنَّ أسماءَ اللَّهِ الحسنى وصفاتِهِ العُلَى لهي قُرَّةُ عينِ العابدِ المستقيمِ، وسَلْوَةُ خاطرِ المُحْزَنِ المُسْتَضِيمِ، ونُصْرَةُ المسلم المظلومِ، وفرجُ المهمومِ والمغموم، ومُتَنَفَّسُ البائسِ المكروبِ، إذا تكَالَبَتْ عليهِ الكروبُ، وتَعَاوَرَتْهُ الخطوبُ، وضاقتْ عليهِ الأرضُ بما رَحُبَتْ، والنفسُ بما اسْتَجْلَبَتْ؛ عَلِمَ أنَّ لهُ رَبًّا يرى مكَانَهُ ويسمعُ كلامَهُ، ويعلمُ حالَهُ؛ يُحبِيبُ دعوةَ المُضْطَرِّ، ويكشف الضر، وينصرُ المظلومَ.
وهوَ المستعانُ يُعِينُ مَن استعانَ بهِ.
وهوَ المُغِيثُ يُغِيثُ مَن استغاثَ بهِ.
وهوَ الرحمنُ الرحيمُ، والوهَّابُ الكريمُ، و الغنيُّ الحميدُ.
وعلم أنَّهُ عزيزٌ ذُو انتقامٍ ينتقمُ لعبدِهِ المؤمنِ ممَّنْ كادَهُ وآذَاهُ.
وأنه ولي المؤمنين، وخير الناصرين، وخير الحافظين، وأرحم الراحمين.
وأنه مع من ذكره، وآمن به وشكره، وتاب إليه واستغفره.
فيفْزَعُ قلبُهُ إلى إلهه العظيم، ومولاه الكريم، يعتصمُ بهِ، ويلوذُ بجَنَابِهِ، ويستمْسِكُ بحَبْلِهِ المتينِ؛ ويعلمُ أنَّ ما هوَ فيهِ من الكربِ والضيقِ إنَّما هوَ بعلْمِهِ ومشيئتِهِ، وأنَّهُ لمْ يُقَدِّرْهُ عليهِ إلاَّ لما لهُ في ذلكَ من الحِكَم البالغةِ، والنِّعَمِ السابغةِ التي يستحقُّ عليها الحمدَ والحبَّ كُلَّهُ:
- فإمَّا مذنبٌ آبِقٌ يريدُ أنْ يَرْجِعَهُ إلى روضةِ الطاعةِ، ويُذِيقَهُ مرارةَ العصيانِ، وعاقبةَ الطغيانِ؛ فيَرْجعُ و يَسْتَعْتِبُ.
- وإمَّا مؤمنٌ صالحٌ يريدُ أنْ يرفعَ درجاتِهِ، ويُكَفِّرَ سيئاتِهِ، ويُعْلِيَ منزلتَهُ، ويبتليَ في الإيمانِ والصبرِ قُوَّتَهُ، ويُبَاهِيَ بهِ ملائكتَهُ.
فتهدأُ بذلكَ نفسُهُ، وتَقَرُّ عينُهُ، ويَسْكُنُ جأْشُهُ، ويطْمَئِنُّ قلْبُهُ {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28] وهذا من السكينةِ التي يُنزلُها اللَّهُ تعالى على قلوبِ عبادِهِ المؤمنينَ.
انظرْ إلى قولِ اللَّهِ تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}
[الحجر: 97 - 99].
وتأمل أثرها على قلب نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد آذاه المشركون بأنواع الكلام السيء، والاتهامات الباطلة المتناقضة التي لا غاية منها إلا الإيذاء والصد عنه بأي وسيلة كانت.
فقالوا عنه: ساحر، وقالوا: {إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً}، فاعجب: كيف يجتمع الاتهامان؟!!
وقالوا: هو كاهن، وقالوا: {إنما يعلمه بشر}، فاعجب أيضاً كيف يجتمعان؟!!
وقالوا عنه مجنون، وقالوا: يريد الملك والرئاسة، فاعجب كيف يمكن لمجنون أن يكون أهلاً لطلب الملك والرياسة؟!!
حتى إنهم من فرط ولَعِهِم بالاتهامات الباطلة قالوا عنه: شاعر، وهم يعرفون الشعر وبحوره وهزجه ورجزه، ويعرفون أن القرآن لا يلتئم مع الشعر ولا يشبهه أي شعر.
ويعرفون أنه لم يقل قصيدة قط وقد لبث فيهم عمراً قبل بعثته لا يقيم وزن بيت من الشعر.
فانظر إلى اتهاماتهم الباطلة المتناقضة التي تدل على أنهم إنما يريدون أذيته والصد عنه، ويعرفون أنهم مبطلون أفاكون فيما يقولون.
وتأمل كونها صادرة من قومه وقرابته الذين نشأ بينهم فعرفه صغيرهم وكبيرهم، وذكرهم وأنثاهم، بصدقه وأمانته، وحسن خلقه وسيرته، وإحسانه إليهم وصلته لهم.
ثم هو يدعوهم لما فيه عزهم وخيرهم ونجاتهم ومجدهم في الدنيا والآخرة فيقابلونه بهذه الأقوال السيئة والاتهامات الباطلة
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة = على النفس من وقع الحسام المهند
فانتقل بذهنك إلى تلك البقاع، وإلى ذلك الزمان، وتفكر في نفسك كيف أثر تلك الاتهامات الباطلة، والحرب النفسية، وذلك التآمر البغيض من كبراء القوم وسفهائهم على نفس الرسول الكريم الذي جاء ليخرجهم من الظلمات إلى النور، وليأخذ بحجزهم عن النار.
بل تعدى الأمر إلى السخرية به والاستهزاء المقيت.
{وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا}
يقول له أحد المستهزئين: أمرطُ ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك!
ويقول له آخر: أما وجد الله أحداً يرسله غيرك؟!
¥