تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد جاءت واجبات الإمام وحقوقه في قوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً" (النساء: 58، 59).

قال العلماء: نزلت الآية الأولى في ولاة الأمور عليهم أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل.

ونزلت الثانية في الرعية من الجيوش وغيرهم عليهم أن يطيعوا أولي الأمر الفاعلين لذلك في قسمهم وحكمهم ومغازيهم وغير ذلك، إلا أن يأمروا بمعصية الله، فإذا أمروا بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (12).

وقد أشار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – إلى تلك الواجبات والحقوق بقوله: «حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله وأن يؤدي الأمانة فإذا فعل ذلك كان حقاً على المسلمين أن يسمعوا وأن يطيعوا ويجيبوا إذا دعوا» (13).

وقال أيضاً: «لا بد للناس من إمارة بره كانت أو فاجرة، فقيل يا أمير المؤمنين هذه البرة قد عرفناها، فما بال الفاجرة؟

فقال: يقام بها الحدود وتأمن بها السبل، ويجاهد بها العدو ويقسم بها الفيء» (14).

وقد وضح الماوردي ما على الإمام من واجبات وما له من حقوق فقال: «والذي يلزمه من الأمور العامة عشرة أشياء:

أحدها: حفظ الدين على أصوله المستقرة وما أجمع عليه سلف الأمة، فإذا نجم مبتدع أو زاغ ذو شبهة أوضح له الحجة وبيّن له الصواب وأخذه بما يلزمه من الحقوق والحدود، ليكون الدين محروساً من خلل والأمة ممنوعة من زلل.

والثاني: تنفيذ الأحكام بين المتشاجرين وقطع الخصام بين المتنازعين حتى تعم النصف فلا يتعدى ظالم ولا يضعف مظلوم.

والثالث: حماية البيضة والذب عن الحريم ليتصرف الناس في المعايش وينتشروا في الأسفار آمنين من تغرير بنفس أو مال.

والرابع: إقامة الحدود لتصون محارم الله تعالى عن الانتهاك وتحفظ حقوق عباده من إتلاف واستهلاك.

والخامس: تحصين الثغور بالعدة المانعة والقوة الدافعة حتى لا تظفر الأعداء بغرة ..

والسادس: جهاد من عاند الإسلام بعد الدعوة حتى يسلم أو يدخل في الذمة ..

والسابع: جباية الفيء والصدقات على ما أوجبه الشرع من غير خوف أو عسف.

والثامن: تقدير العطايا وما يستحق في بيت المال من غير سرف ولا تقتير ودفعة في وقت لا تقديم فيه ولا تأخير.

والتاسع: استكفاء الأمناء وتقليد النصحاء فيما يفوض إليهم من الأعمال ويكله إليهم من الأموال.

والعاشر: أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور وتصفح الأحوال؛ لينهض بسياسة الأمة وحراسة الملة، ولا يعول على التفويض تشاغلاً بلذة أو عبادة، فقد يخون الأمين ويغش الناصح.

وإذا قام الإمام بما ذكرناه من حقوق الأمة فقد أدى حق الله تعالى فيما لهم وعليهم، ووجب له عليهم حقان الطاعة والنصرة ما لم يتغير حاله، والذي يتغير به حاله فيخرج عن الإمامة شيئان: أحدهما في عدالته، والثاني: نقص الدين .. » (15).

ومما يحسن ذكره هنا ما سطره شيخ الإسلام ابن تيمية عند حديثه عما يجب على الإمام من أداء الأمانات في الولايات والأموال، حيث قال: «فيجب على كل من ولي شيئاً من أمر المسلمين، من هؤلاء وغيرهم، أن يستعمل فيما تحت يده في كل موضع أصلح من يقدر عليه، ولا يقدم الرجل لكونه طلب الولاية، أو سبق في الطلب، بل يكون ذلك سبباً للمنع ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير