تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و ثالثا إن الحنابلة المعارضين للأشعري حاولوا مرارا نبش قبره و طمسه نهائيا، لكن شرطة بغداد منعتهم من هدمه،و روى الحافظ ابن عساكر أن جماعة من الحنابلة مرت يوما بقبره –أي الأشعري- فتخلّف أحدهم و بال عليه، فعاتبه فقيه سمع بفعلته، فرد عليه بقوله: ((لو قدرت على عظامه لنبشتها،و أحرقتها)) [4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=778122&posted=1#_ftn4) .

و رابعا إن إمام الشافعية أبا حامد الإسفراييني (ت406ه)،و شيخ الجنابلة أبا عبد الله بن حامد، قاما على أبي بكر الباقلاني الأشعري، و أنكرا عليه ما كان ينشره من فكر الأشعري المخالف لمذهب أهل السنة [5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=778122&posted=1#_ftn5) . و كان الإسفراييني يُطارده -أي الباقلاني-، في مجالسه العلمية،و شوارع بغداد، حتى أصبح يخرج إلى الحمام متنكرا خوفا من الإسفراييني، بسبب مذهبه في كلام الله تعالى [6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=778122&posted=1#_ftn6) .

و عندما كان جماعة من الغرباء يحضرون مجالس الباقلاني خفية، ليأخذوا عنه مذهبه، كان الإسفراييني يخاف أن يزعم هؤلاء الغرباء، أنهم تعلّموا ذلك منه إذا رجعوا إلى بلدانهم، فيُعلن أمام الناس إنه بريء من مذهب الباقلاني في كلام الله تعالى.و قد نهى بعض أصحابه عن الدخول على الباقلاني لدراسة علم الكلام، و قال له: ((إياك، فإنه مبتدع، يدعو الناس إلى الضلالة، و إلا فلا تحضر مجلسي)) [7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=778122&posted=1#_ftn7) .

و أما معارضتهم الفكرية له –أي للأشعري-، فمنها أولا إنهم أنكروا عليه مقالته في كلام الله،عندما قال إنه أزلي قائم بذاته تعالى،و إن القرآن ليس كلامه حقيقة،و إنما هو عبارة عنه، و هو نفسه معنى التوراة و الإنجيل و القرآن، فأنكروا عليه ذلك،و نسبوه إلى التأثر ببقايا البدعة و الاعتزال، التي كان عليها قبل توبته [8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=778122&posted=1#_ftn8) .

و ثانيا إن ثلاثة من كبار علماء الحنابلة – في القرن الرابع الهجري- كانوا من بين علماء أهل السنة الذين عارضوا الأشعري و خالفوه في موقفه من كلام الله تعالى، و هم: إبراهيم بن شاقلا البغدادي، و عبد الله بن بطة العُكبري،و أبو عبد الله بن حامد البغدادي، و للأول رد موسع على الكلابية و الأشعرية في مسألة الصفات،و كلام الله، ردّ به على المتكلّم أبي سليمان الدمشقي [9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=778122&posted=1#_ftn9) .

و لكي يُعبر علماء الحنابلة عن رفضهم لأبي الحسن الأشعري، و مقاومتهم له و لمذهبه، أقصوه من جماعتهم، فهو رغم انتسابه إلى إمامهم أحمد بن حنبل، و صداقته الحميمة مع أسرة التميميين الحنبلية [10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=778122&posted=1#_ftn10) ، فإنهم لم يُترجموا له في طبقاتهم، فليس له ترجمة في كتاب طبقات الحنابلة، لأبي الحسين بن أبي يعلى (ت 526ه)،و لا في كتاب المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد، لأبي اليمن العليمي (ت928ه).

و ثالثا إن شيخ الشافعية أبا حامد الإسفراييني، كان يُعلن أمام الناس صراحة، إن مذهبه في القرآن الكريم، هو كلام الله حقيقة بحروفه و معانيه، و يُنكر على الأشاعرة مقالتهم في كلام الله، و يتبرأ أمامهم مما يقوله أبو بكر الباقلاني و أصحابه في كلام الله تعالى؛ و كان يقول أيضا، إن مذهب الأشعري في كلام الله ليس هو مذهب الشافعي، و لشدته على الأشاعرة ميّز أصول فقه الشافعي، عن أصول أبي الحسن الأشعري، و لم يعدهم –أي الأشاعرة- من أصحاب الشافعي، الذين استنكفوا من الانتماء إليهم و إلى مذهبهم في أصول الفقه، فضلا عن أصول الدين [11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=778122&posted=1#_ftn11) .

و رغم تلك المعارضة الشديدة، فإن الأشعري و أصحابه الأوائل، وجدوا ببغداد جماعة من أهل السنة احتموا بها،و انتسبوا إليها، و تستّروا بها، و كانت بينهم و بينها المؤانسة و الموافقة،و الصداقة و الضيافة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير