تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن علماء المغرب المتأخرين الذين عرفوا باعتقاد السلف ونبذ ما خالفها من العقائد: العلامة الفقيه عبدالله بن إدريس السنوسي الفاسي (ت 1350 هـ).

قال عبد الحفيظ الفاسي في رياض الجنة في ترجمته (2/ 81): نزيل طنجة الآن العالم العلامة المحدث الأثري السلفي الرحال المعمر أبو سالم.

وقال كذلك (82/ 2): سلفي العقيدة أثري المذهب عاملاً بظاهر الكتاب والسنة، نابذا لما سواهما من الآراء والفروع المستنبطة، منفرا من التقليد، متظاهرا بمذهبه قائما بنصرته داعيا إليه، مجاهرا بذلك على الرؤوس، لا يهاب فيه ذا سلطة، شديداً على خصماه من العلماء الجامدين وعلى المبتدعة والمتصوفة الكاذبين، مقرعا لهم، مسفا أحلامهم، مبطلا آراءهم، مبالغا في تقريعهم، ولم يرجع ن ذلك منذ اعتقده، ولا قل من عزمه كثرة معادتهم له، وتلك عادة من ذاق حلاوة العمل بظاهر الكتاب والسنة.

وقال (2/ 85 - 84) بعد أن ذكر أن عبدالله السنوسي كان يحضر مجلس السلطان مولاي الحسن: وكان يحضر فيه جمع من أعيان علماء فاس كشيخنا العلامة المحقق أبي أحمد بن الطالب بن سودة، وشيخنا العلامة الحافظ أبي سالم عبدالله الكامل الأمراني الحسني، فأعلن في ذلك الجمع بما تحمله في الشرق عن شيوخه الأعلام من الرجوع إلى الكتاب والسنة والعمل بهما دون الأقيسة والآراء والفروع المستنبطة، ومن رفض التأويل في آيات وأحاديث الصفات والمتشابهات وإبقائها على ظاهرها كما وردت، ولاد علم المراد إلى الله تعالى مع اعتقاد التنزيه، كما كان عليه سلف الأمة وغير لك من المسائل، فقام بينه وبين أؤلئك العلماء خلاف كبير من أجل ذلك، وتناظروا في مجلس السلطان، ولمزوه بالإعتزال، والتمذهب بعقائد أهل البدع والأهواء، وإنكار الولاية والكرامات، وألف فيه بعضهم المؤلفات المحشوة بالسب والسخافات الخارجة عن الأدب، مع لمزه بنزعة الإعتزال، ونقل ما قال الناس في المعتزلو والخوارج وما طعنوا به من الأقوال البعيدة عن الإنصاف في الإمام ابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله تعالى، إلا أن مولاي الحسن لم يكن متعصبا ولا ذا أذن، فيسمح الوشايات فلم ينحز لفريق منهما، بل ألقى حبلهما على غاربهما، ولعل ذلك كان يريده باطنا ليظهر كل فريق ماعنده من العلم ويتمحص المحق من المبطل والجاهل من العالم ...

وقال (95/ 2): ولازمته مدة إقامته بفاس وتمكنت الرابطة بيني وبينه وأدركت عنده منزلة عظيمة لما كان يرى من حرصي على سماع الحديث وروايته ....

ويسبب هذا الإتصال أمكن لي أن أحقق كل مانسب إليه من الإعتزال والبدع والأهواء، فوجدته مباينا للمعتزلة في كل شيء وبريئا من كل ما نسب إليه، بل عقيدته سالمة، على أن ما خالف فيه الفقهاء من الرجوع للكتاب والسنة، ونبذ التأويل في آيات الصفات شيء لم يبتكره، ولا اختص به من دون سائر الناس، بل ذلك هو مذهب السلف الصالح من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين ومن بعدهم من الهداء المهتدين، وأما اتهامه بإنكار الولاية والكرامات، فمعاذ الله أن يصدر منه ذلك، وإنما هو من مفترياتهم إلا أنه ينكر على المُدعين الذين جعلوا التصوف حبالا وشباكا يصطادون بها أموال الناس ويدعون المقامات العالية كذبا وزورا، ويبشرون من أخذ عنهم بفضائل وأجور تغنيهم عن تحمل أعباء العبادات والعزائم الشرعية. اهـ.

وقال عنه العلامة أبو جعفر النتيفي في نظر الأكياس (6 - مخطوط): وكان رحمه الله سلفي المذهب.

وانتصر الشيخ عبدالحفيظ الفاسي في الآيات البينات في شرح وتخريج الأحاديث المسلسلات (15) لعقيدة السلف بكلام طويل، حاصله أن إثبات الصفات على ظاهرها هو مذهب السلف وعليه إجماع العلماء وأنه لا يستلزم التجسيم والتشبيه كما يزعم المؤولة.

ثم ذكر كلاماً طويلاً في أن أهل المغرب كانوا على عقيدة السلف كما جرى عليه الإمام ابن أبي زيد القيرواني في عقيدته، واستمر الحال على ذلك إلى أن ظهر محمد بن تومرت المُلقب بالمهدي في صدر المائة السادسة فانتصر للعقائد الأشعرية ثم صار العلماء بعد المُوَّحدين يحكون المذهبَين مع ترجيح مذهب الأشعرية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير