تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الأولياء و القبب للشيخ العلامة أبي طارق البويحياوي عبد الله حشروف حفظه الله]

ـ[ابو البراء]ــــــــ[27 - 03 - 08, 11:58 م]ـ

الأولياء و القبب

للشيخ العلامة

أبي طارق البويحياوي عبد الله حشروف

حفظه الله

إعتنى بها تلميذه

نسيم الجزائري

تحدثت في مقال سابق عن الحجاج الذين يزورون القبب في منطقة القبائل قبل توجههم إلى البقاع المقدسة، و بينت أن هذا شرك و بدعة محرمة يجب أن تتضافر الجهود للقضاء عليها.

أما الآن فهذه رسالة عن مفهوم الولي و قبته المزركشة.

فالولي حينما يكون على قيد الحياة هو: العالم بالله تعالى، المواظب على طاعته، المخلص في عبادته المتمسك بفرائض الله، المداوم على نوافله، المنفذ لأوامر الله، المجتنب لنواهيه، المبتعد عن الشبهات التي تمس مروءته، المتصف بأخلاق إسلامية، متواضعا تقيا ورعا زاهدا، المتعامل مع المسلمين و غيرهم وفق الشريعة الإسلامية الغرّاء، و كل قول و عمل يصدر منه ينبغي أن يكون وفق ما في كتاب الله تعالى و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم. و ليس معنى هذا أن الولي – بهذه الصفات – معصوم من الأخطاء، فالعصمة للأنبياء و المرسلين، فالأولياء ليسوا أنبياء معصومين و لا بملائكة مطهرين، و إنما هم بشر يعيشون مع البشر يخطئون و يصيبون كما يخطئ و يصيب البشر.

و ربما قد تجري على أيديهم كرامات على أن تكون منسجمة مع ما في كتاب الله و سنة رسول الله عليه الصلاة و السلام، و هما المعيار الوحيد الذي يعرف به الولي الصالح من الولي الطالح. فمن كانت أعماله و كراماته على خلاف الشريعة الإسلامية المطهرة فهو من أولياء الشيطان حتى و لو ادعى الطيران في الهواء أو المشي على الماء و لا يصيبه بلل.

و مهما اتصف الولي بهذه الصفات المذكورة أو بعضها، فإنه لا يجوز له أن يدعى الولاية لنفسه أو ينيب من يقوم بالدعاية له، أو يبث أنصارا أو أتباعا عن عشيرته و أشياعه كما يفعل) الطرقيون [1] (خشية أن يؤول الأمر إلى مقاصد سيئة، كتمهيد لأداء الزيارات له فتكثر حوله المزاعم و تحاك حوله الأساطير. و عندما يذاع صيته و يعم خبره الآفاق، عندئذ تتبلور فكرة بناء القبة على ضريحه ضمانا و طعما في استمرار موارد الجباية على أهله و عشيرته.

فالولي الصالح لا ينشد زهرة الدنيا و لا تفتنه مباهجها، و لا يتكالب على زخارفها و لا يجعل أكبر همه دينارها و درهمها، و لا يرضى بأن يتقوّل عليه ما ليس له من خوارق فعمر بن الخطاب رضي الله عنه من كبار أولياء الله الصالحين بنص من حديث نبوي شريف، لم يدع الولاية لنفسه، فقد كان الصحابة يراجعونه و يراجعهم و يشاورهم و يأخذ برأيهم.

فإذا مات هذا الولي و فارق الدنيا فهو كبقية المتوفين من المسلمين، و مهما كانت منزلته عند الله و في قلوب أشياعه و أنصاره فإنه في حاجة إلى دعاء له بالرحمة و المغفرة من الإحياء و بالتصدق عليه من أهله و أولاده، فأعماله قد انقطعت بموته، "و بركاته" لمن يستنجد به في الحياة فقد تجمدت بجمود جثته، فهو و من حوتهم القبور من أهل القبلة في اشد الحاجة إلى من يستغفر لهم من الأحياء باستثناء الأنبياء و المرسلين اعتبارا لقوله تعالى:" ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل في قلوبنا غلاّ للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم" [2].

أما ما يزعمه و يتشدق به عميان الجهل المركب بأن من استغاث بالولي الصالح أو استنجد بجاهه أو توسل ببركاته بتقبيل جدران قبته و التمسح بصندوقه و التمرغ على ضريحه أو يخصص النذر له إذا فاز بأمنيته، أو برزقه من حيث لا يحتسب، أو يخلصه من مأزق وقع فيه، أو يرفع عنه مصيبة حلت به، أو يحبب إليه من يشاء ... من اعتقد كل هذا فقد ضل ضلالا بعيدا، و جعل لله ندا، فكأن هذا الولي هو المتصرف في سنن الله الكونية نيابة عن الله و هي من اختلاق الدجالين المتواكلين و أصحاب العقول المريضة و العقيدة المغشوشة و ذوي الثقافة السطحية الهزيلة.

فالتوسل المشروع هو التوصل إلى تحصيل المرغوب و تحقيق المطلوب و ذلك عن طريق التقرب إلى الله تعالى بطاعته و العمل على مرضاته بصالح الأعمال و طيب الأقوال و لا يجعل بينه و بين الله وسيطا ليكون هو المترجم فيما بينه و بين ربه فيما يفعل و يترك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير