تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لِأَنَّهُ قَاصِدٌ الْعَمَلَ بِهَا؛ فتتساعد فِي حَقِّهِ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مَعَ الِامْتِثَالِ وَمَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ حَتَّى أَنَّ الْمُحِبَّ يَعْرِفُ مِنْ فَحْوَى كَلَامِ مَحْبُوبِهِ مُرَادَهُ مِنْهُ تَلْوِيحًا لَا تَصْرِيحًا.

وَالْعَيْنُ تَعْرِفُ مِنْ عَيْنَيْ مُحَدِّثِهَا * * * إنْ كَانَ مِنْ حِزْبِهَا أَوْ مِنْ أَعَادِيهَا

إنَارَةُ الْعَقْلِ مَكْسُوفٌ بِطَوْعِ هَوًى * * * وَعَقْلُ عَاصِي الْهَوَى يَزْدَادُ تَنْوِيرًا

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {لَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْته كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا} " وَمَنْ كَانَ تَوْفِيقُ اللَّهِ لَهُ كَذَلِكَ فَكَيْفَ لَا يَكُونُ ذَا بَصِيرَةٍ نَافِذَةٍ وَنَفْسٍ فَعَّالَةٍ؟ وَإِذَا كَانَ الْإِثْمُ وَالْبِرُّ فِي صُدُورِ الْخَلْقِ لَهُ تَرَدُّدٌ وَجَوَلَانٌ؛ فَكَيْفَ حَالُ مَنْ اللَّهُ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَهُوَ فِي قَلْبِهِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْإِثْمُ حواز الْقُلُوبِ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ وَالصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ فَالْحَدِيثُ الصِّدْقُ تَطْمَئِنُّ إلَيْهِ النَّفْسُ وَيَطْمَئِنُّ إلَيْهِ الْقَلْبُ. وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ فَطَرَ عِبَادَهُ عَلَى الْحَقِّ؛ فَإِذَا لَمْ تَسْتَحِلَّ الْفِطْرَةُ: شَاهَدَتْ الْأَشْيَاءَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ؛ فَأَنْكَرَتْ مُنْكِرَهَا وَعَرَّفَتْ مَعْرُوفَهَا. قَالَ عُمَرُ: الْحَقُّ أَبْلَجُ لَا يَخْفَى عَلَى فَطِنٍ. فَإِذَا كَانَتْ الْفِطْرَةُ مُسْتَقِيمَةً عَلَى الْحَقِيقَةِ مُنَوَّرَةً بِنُورِ الْقُرْآنِ. تَجَلَّتْ لَهَا الْأَشْيَاءُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْمَزَايَا وَانْتَفَتْ عَنْهَا ظُلُمَاتُ الْجَهَالَاتِ فَرَأَتْ الْأُمُورَ عِيَانًا مَعَ غَيْبِهَا عَنْ غَيْرِهَا. وَفِي السُّنَنِ وَالْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا؛ وَعَلَى جَنَبَتَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ؛ وَفِي السُّورَيْنِ أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ؛ وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ؛ وَدَاعٍ يَدْعُو عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ. وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ؛ وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ الْإِسْلَامُ؛ وَالسُّتُورُ الْمُرْخَاةُ حُدُودُ اللَّهِ؛ وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ فَإِذَا أَرَادَ الْعَبْدُ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ نَادَاهُ الْمُنَادِي: يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَفْتَحْهُ؛ فَإِنَّك إنْ فَتَحْته تَلِجْهُ. وَالدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ؛ وَالدَّاعِي فَوْقَ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ} فَقَدْ بَيَّنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ - الَّذِي مَنْ عَرَفَهُ انْتَفَعَ بِهِ انْتِفَاعًا بَالِغًا إنْ سَاعَدَهُ التَّوْفِيقُ؛ وَاسْتَغْنَى بِهِ عَنْ عُلُومٍ كَثِيرَةٍ - أَنَّ فِي قَلْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَاعِظًا وَالْوَعْظُ هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ؛ وَالتَّرْغِيبُ وَالتَّرْهِيبُ. وَإِذَا كَانَ الْقَلْبُ مَعْمُورًا بِالتَّقْوَى انْجَلَتْ لَهُ الْأُمُورُ وَانْكَشَفَتْ؛ بِخِلَافِ الْقَلْبِ الْخَرَابِ الْمُظْلِمِ؛ قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: إنَّ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ سِرَاجًا يُزْهِرُ. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: " {إنَّ الدَّجَّالَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ قَارِئٍ وَغَيْرِ قَارِئٍ} فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَتَبَيَّنُ لَهُ مَا لَا يَتَبَيَّنُ لِغَيْرِهِ؛ وَلَا سِيَّمَا فِي الْفِتَنِ وَيَنْكَشِفُ لَهُ حَالُ الْكَذَّابِ الْوَضَّاعِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ فَإِنَّ الدَّجَّالَ أَكْذَبُ خَلْقِ اللَّهِ مَعَ أَنَّ اللَّهَ يُجْرِي عَلَى يَدَيْهِ أُمُورًا هَائِلَةً ومخاريق مُزَلْزِلَةً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير