تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن التفسير عند هؤلاء الكرام أعمّ من أن يكون شرح كلمة، أو بيان مايُقرأ بعد تمام

سورة، ولا أقّل من أن يكون لفظ القرآن وارداً في الحديث.

وكون الأمور المتقدمة من التفسير ظاهر [2]، وإنما الخفاء في هذا الأخير

والنكتة فيه: أن لفظ الحديث يفسر لفظ القرآن بحيث يُعلم منه أن المراد في

الموضعين واحد، وكثيرا مايُكشف معنى اللفظ بوقوعه في قصة وكلام لايتضح

مراده لو وقع هذا اللفظ في غير تلك القصة؛ فإذا لاحظ الرجل الآية والرواية معا

كانت له مُكنة على تحصيل المعنى [3].

2 - وقال (صاحب الفيض): (ثم اعلم أن تفسير المصنف (أي: البخاري)

ليس على شاكلة تفسير المتأخرين في كشف المغلقات، وتقرير المسائل، بل قصد

فيه إخراج حديث مناسب متعلق به ولو بوجه) [4].

وبهذا يتلخص أن المحدّثين يوردون من كلام الرسول -صلى الله عليه وسلم-

ما يصلح أن يكون تفسيرا، كما يوردون ما يتعلق بالآية من كلامه أوفعله لأدنى

سبب.

ومن أمثلة الأول (ما يصلح من كلامه تفسيرا):

1 - ترجم البخاري في باب: ذكر إدريس (عليه السلام) بقوله (تعالى):

] ورفعناه مكانْا عليا [[مريم: 57] ثم روى تحت هذا الباب حديث المعراج، وفيه

أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وجد في السموات إدريس وموسى وعيسى .... )

2 - وذكر النسائي تحت قوله (تعالى):] فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي

حَدِيثٍ غَيْرِهِ [[النساء: 140] حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، عن

النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ويلٌ للذي يحدث القوم فيكذب، فيضحك به القوم، ويلٌ له، ويلٌ له) [6].

3 - وذكر الترمذي في تفسير قوله (تعالى):] فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن

قُرَّةِ أَعْيُنٍ [[السجدة: 17] حديث المغيرة بن شعبة، يرفعه إلى رسول الله -صلى

الله عليه وسلم-، يقول: (إن موسى عليه السلام سأل ربه، فقال: أي رب، أي

أهل الجنة أدنى منزلة؟ قال: رجل يأتي بعدما يدخل أهل الجنة الجنة، فيقال له:

أدخل الجنة.

فيقول: كيف أدخل الجنة وقد نزلوا منازلهم، وأخذوا أخذاتهم، قال: فيقال

له: أترضى أن يكون لك ما كان لملك من ملوك الدنيا؟

فيقول: نعم، أي ربّ، قد رضيت. فيقال له: فإن لك هذا، ومثله، فيقول

رضيت أَيْ ربّ.

فيقال له: فإن لك هذا، وعشرة أمثاله. فيقول: رضيت أي ربّ، فيقال له: فإن لك مع هذا ما اشتهت نفسك، ولذت عينك) [7].

ومن أمثلة الثاني (مايكون لأدنى سبب):

1 - ماذكره البخاري تحت باب] وهوألد الخصام [[البقرة: 204]، من

حديث عائشة (رضي الله عنها)، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:

(أبغضُ الرجال إلى الله الألد الخَصِم) [8].

2 - وتحت تفسير قوله (تعالى):] قالوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأََنَّنَا مُسْلِمُونَ [[المائدة:

111] أورد النسائي أثر ابن عباس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان

يقرأ في ركعتي الفجر: في الأولى منهما إلى قوله:] قولوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ

إلَيْنَا [[البقرة: 136] إلى آخر الآية، وفي الأخرى] قالوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأََنَّنَا

مُسْلِمُونَ [[المائدة: 111] [9].

المسألة الثانية: نظرة وصفية لأمثلة التفسير النبوي:

من خلال إلقاء نظرة سريعة على الوارد من التفسير النبوي يمكن فهرسة

الأمثلة تحت عناوين كالتالي:

1 - بيان معنى لفظة:

إن المتأمل في ما نقله الصحابة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يلاحظ

أنهم لم يوردوا عنه تفسيراً للألفاظ، ويظهر والله أعلم أن ذلك بسبب معرفتهم

المعاني اللغوية؛ لأنهم عرب يفهمون معاني الخطاب، ولو ورد لهم استشكال في

فهم ألفاظه أو مدلولاته اللغوية لسألوا عنها، ومما يدل على ذلك حديث ابن مسعود

في نزول آية:] الذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ [[الأنعام: 82] فهم فهموا

الظلم بمعناه العام في لغتهم (أي أنهم استشكلوا مدلول لفظة: الظلم) فشق عليهم هذا

الخطاب حتى بينه لهم رسول الله.

إذن .. لم يكن الصحابة بحاجة إلى بيان المفردات اللغوية، ولذا لم يرد في

التفسير النبوي إلا نادراً، ومنه ماجاء عن أبي سعيد الخدري من تفسير الرسول -

صلى الله عليه وسلم- للفظة (وسطاً) من قوله (تعالى): -] وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير