تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الاشاعرة 1/ 149ـ150

ـ[محمد الأخضراني]ــــــــ[07 - 04 - 08, 03:45 م]ـ

إلغاء الخلافة الفاطمية العبيدية:

وتعتبر هذه الخطوة من أعظم المهام التي أنجزها صلاح الدين فقد كان نور الدين حريصاً كل الحرص على إنهائها – فكتب إلى نائبه صلاح الدين يأمر بإقامة الخطبة للخليفة العباسي المستضيء – فاعتذر صلاح الدين، بالخوف من قيام أهل مصر ضده لميلهم إلى الفاطميين وبأنه لم يتهيأ لذلك بعد، إلا أن نور الدين أرسل إلى نائبه: يلزمه بذلك إلزاماً لا فسحة فيه. وكان الخليفة العباسي قد أرسل إلى نور الدين يعاتبه في تأخير إقامة الدعوة له بمصر، فأحضر الملك العادل نجم الدين أيوب، وحمّله رسالة فيها: وهذا أمر تجب المبادرة إليه، لنحظى بهذه الفضيلة الجليلة والمنقبة النبيلة قبل هجوم الموت وحضور الفوت لاسيما وإمام الوقت – المستنجد - متطلع إلى ذلك بكليته وهو عنده من أهم أمنيته ([200]) وكان صلاح الدين متهيباً متردداً في إسقاط تلك الخلافة، حيث أن ميراث العبيديين في مصر، كان عمره أكثر من مائتي سنة وكان نور الدين يعتبر أن فتح مصر نعمة من نعم الله عليه وعلى المسلمين، من أجل توحيد البلاد على منهج أهل السنة وإزالة البدع والرفض ([201])، وكان نور الدين متفهماً لظروف صلاح الدين وكان يخاطبه بالأمير (أسفهلار) ولو أراد لأرسل خطاباً بعزله عن مصر وتوليته قطراً آخر، وهذا ما صرح به نجم الدين لولده صلاح الدين في مصر: إن أراد عزلك .. يأمر بكتاب مع نجّاب حتى تقصد خدمته ويولي بلاده من يريد ([202]). ومن دلائل احترام نور الدين لصلاح الدين ما جاء في خطابه لابن أبي عصرون يوليه قضاء مصر ويقول فيه: تصل أنت وولدك حتى أسيركم إلى مصر، وذلك بموافقة صاحبي، واتفاق منه، صلاح الدين، وفقه الله فأنا شاكر له كثير كثير كثير، جزاه الله خيراً وأبقاه ففي بقاء الصالحين والأخيار صلاح عظيم ([203]). فحقيقة العلاقة بين القائدين احترام متبادل وتقدير عظيم وسيأتي الحديث عن العلاقة بينهما بإذن الله والرد على الكتّاب الذين تلقوا روايات ابن أبي طيئ الشيعي الذي حرص على تشويه وتلطيخ العلاقة بين الرجلين والطعن في سيرتهما كلما أمكنه ذلك.

التدرج في إلغاء الخطبة للخليفة الفاطمي: استفاد صلاح الدين من الرجل الفذ الكبير القاضي الفاضل، فقد ساعده على إحكام خطة مدروسة للقضاء على الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي الرافضي الإسماعيلي وشرع صلاح الدين في تنفيذها بدقة متناهية وبعد أن هيّأ صلاح الدين المصريين للانقلاب وقلَّم أظفار المؤسسة الفاطمية، فعزل قضاة الشيعة وألغى مجالس الدعوة وأزال أصول المذهب الشيعي، ففي سنة 565ه/1169م أبطل الأذان بحي على خير العمل محمد وعلي خير البشر. ويعلق المقريزي بأن هذه أول وصمة دخلت على الدولة ([204]). ثم أمر بعد ذلك، في يوم الجمعة العاشر من ذي الحجة 565ه/1169 1170م بأن يذكر في خطبة الجمعة الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان ثم علي وأمر بعد ذلك بأن يُذكر العاضد في الخطبة بكلام يحتمل التلبيس على الشيعة فكان الخطيب يقول: اللهم أصلح العاضد لدينك ([205]). وولىّ القضاء في القاهرة للفقيه عيسى الهكاري السني فاستناب القضاة الشافعيين في جميع البلاد وأنشأ المدارس لتدريس المذاهب السُّنية وهو في الوقت نفسه يضيق الخناق على العاضد، فيلغي مخصصاته ويحرمه من المال والخيل والرقيق ويمنع رسوم الخلافة وهي حفلاتها الرسمية في الأعياد وغيرها، ويحتجز الخليفة في قصره فلا يسمح له بمغادرته إلا في مناسبات قليلة منها خروجه لاستقبال نجم الدين أيوب والد صلاح الدين يوم جاء إلى القاهرة وعمد إلى الخطة نفسها مع أمراء الجيش فأخذ يحّد من نفوذهم شيئاً فشيئاً ثم قبض عليهم في ليلة واحدة وأنزل أصحابه في دورهم وفرّق اقطاعاتهم عليهم ([206]). وكان العاضد يتابع ذلك كله بقلب حزين ونفس كئيبة وقد خابت الآمال التي عقدها على صلاح الدين وانزوى في مخدعه فريسة للهّم والمرض ([207])، وأدرك صلاح الدين أن الفرصة باتت مؤاتيه للقضاء على الدولة الفاطمية المحتضرة فعقد مجلساً كبيراً حضره أمراء جيشه وقواده وفقهاء السُّنة ومتصوفوها وسألهم الرأي والنصيحة وقد اتفق رأي الحاضرين على اتخاذ تلك الخطوة الفاصلة في حياة البلاد ([208]). وفي بداية سنة 567ه/1171 - 1172م قطع صلاح الدين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير