تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الخطبة للفاطميين وكان قطعها بالتدريج أيضاً، ففي الجمعة الأولى من محرم 567ه/1171 - 1172م حذف اسم العاضد من الخطبة، وفي الجمعة الثانية خطب باسم الخليفة المستضيء بأمر الله أبي محمد الحسن بن المستنجد بالله: وقطعت الخطبة للعاضد لدين الله فانقطعت ولم تعد بعدها إلى اليوم الخطبة الفاطمية ([209]) والملاحظ أن الخطبة للعباسيين قد تمت بالإسكندرية قبل القاهرة ومصر بنحو أسبوعين وذلك لأنها ظلت على المذهب السني طوال العصر الفاطمي ([210]) وقد توفي العاضد في العاشر من محرم 567ه/1171 - 1172م ([211]) ويقال أن صلاح الدين حين علم بوفاة العاضد الفاطمي بعد أيام ندم على أنه تعجل في قطع خطبته وقال: لو عرفنا أنه، أي الخليفة العاضد، يموت في هذا اليوم ما غصصناه برفع اسمه من الخطبة، فضحك القاضي الفاضل ورد عليه: قائلاً: يا مولاي لو علم أنكم ما ترفعون اسمه من الخطبة لم يمت ([212])، فابتسم الحاضرون لهذه المداعبة الكلامية بين الوزير صلاح الدين وكاتبه ومستشاره التي انطوت فيها آخر صفحة من صفحات تاريخ الدولة الفاطمية العبيدية ([213]).

2 - وفاة العاضد عام 567ه: قال ابن كثير: والعاضد في اللغة القاطع: لا يعضد شجرها: فيه قطعت دولتهم واسمه عبدالله، ويكنى بأبي محمد بن يوسف الحافظ بن محمد بن المستنصر ابن الظاهر بن الحاكم بن العزيز بن المعز بن المنصور بن القائم بن المهدي أوَّل ملوكهم وكان مولد العاضد في سنة سِتَّ وأربعين، فعاش إحدى وعشرين سنة، وكانت سيرته مذمومة وكان شيعياً خبيثاً لو أمكنه قتل كلَّ من قدر عليه من أهل السنة ([214]).

3 - فرح المسلمون بزوال الدولة الفاطمية: ولما انتهى الخبر إلى الملك نور الدين بالشام أرسل إلى الخليفة العباسي يعلمه بذلك مع ابن أبي عصرون، فزينت بغداد، وغلقت الأبواب وعُملت القباب وفرح المسلمون فرحاً شديد وكانت الخطبة قد قَطعت من ديار مصر سنة تسع وخمسين وثلاثمائة في خلافة المطيع العباسيَّ حين تغلب الفاطميُّون عليها أيام المعزَّ الفاطمي، باني القاهرة إلى هذه الأوانِ، وذلك مائتا سنة وثماني سنين ([215]) وقد تفاعل الشعراء مع هذا الحدث المدوّي في أرجاء الدنيا فقد قال العماد الأصفهاني:

توفي العاضد الدعي مما يفتح ذو بدعة بمصر فما

وعصر فرعونها انقضى وغدا يوسفها في الأمور محتكما

قد طفئت جمرة الغواة وقد داخ من الشرك كل ما اضطرما

وصار شملُ الصلاح ملتئماً بها وعقد السداد منتظماً

لما غدا مشعراً شعار بني العباس حقَّا والباطل اكتتما

وبات داعي التوحيد منتظراً ومن دعاة الاشراك منتقماً

وظل أهل الضَّلال في ظلل داحية من غيابة وعمى

وارتبك الجاهلون في ظُلم لما أضاءت منابر العُلماء

وعاد بالمستضيء ممتهداً بناء حقَّ قد كان منُهَدمِا

واعتلَّت الدّولة التي اضطهدت وانتصر الدين بعدما اهتُضما

واهتَّز عطف الإسلام من جَدَلٍ وافتَّر ثغر الإيمان وابتسما

واستبشرت أوجه الهُدى فرحاً فليقرعِ الكُفُر سِنَّهُ نَدما

عاد حريمُ الأعداءِ منتهك الحمى وفيءُ الطغاة مقتسماً

قصور أهل القصور أخربها عامر بيت من الكمال سَمَا

أزعج بعد السُّكون ساكنها ومات ذُلاَّ وأنفه رَغمَا ([216])

إن نور الدين محمود كان يرى إزالة الدولة الفاطمية هدفاً إستراتيجياً للقضاء على الوجود النصراني، والنفوذ الباطني في بلاد الشام، ولذلك حرص على إعادة مصر للحكم الإسلامي الصحيح فوضع الخطط اللازمة وأعد الجيوش المطلوبة وعين الأمراء ذوي الكفاءة المنشودة فتم الله له ما أراد على يدي جنديه المخلص وقائده الآمين صلاح الدين الذي نفذ سياسة نور الدين الحكيمة الرشيدة، وحق للأمة الإسلامية وزعمائها أن تفرح بهذه البشرى الكبيرة من إزالة دولة الباطنيين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير