تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حالة عادية معروفة في تاريخ المنطقة في العصور الوسطى ([230]).

5 - أن الملك عموري كان كلما أراد التعرف على الأوضاع في مصر والاتصال بالمتآمرين والتفاوض معهم، كان يبعث بـ "جِرْج" رسولاً إلى صلاح الدين: ظاهراً إلينا، وباطنا إليهم، عارضاً علينا الجميل الذي ما قبلته قط أنفسنا، وعاقداً معهم القبيح الذي يشتمل عليه علمنا، ولأهل القصر والمصريين "الجند" في أثناء هذه المُدَد رسُل تتردد، وكتب إلى الفرنج تتجدد ([231]).

6 - كانت سياسة صلاح الدين أثناء هذه الفترة إذا شك أعوانه بأحد من الجماعات المذكورة وقام باعتقاله ولم يتمكنوا من إثبات التهمة ضده، أطلق سراحهم، وخَلىّ سبيلهم فلا يزيدهم العفو إلا ضراوة، ولا الرقة عليهم إلا قساوة ([232]).

7 - واتصل المتآمرون في ذات الوقت " بشيخ الجبل " سنان ([233])، زعيم الإسماعيلية النزارية في بلاد الشام، طالبين مساعدته محتجين: بأن الدعوة واحدة، والكلمة جامعة، وأنّ ما بين أهلها وخلاف إلا فيما يفترق به كلمه ولا يجب به قعود عن نُصرة ([234]). وطلبوا منه بصورة خاصة اغتيال "الملوك" كما كانت عادتهم أو نصب المكائد لهم وكان الرسول إليهم خال ابن قرجلة ([235])، أحد رجال الدولة الفاطمية السابقين، ويبدو أن الاثنين كانوا عند صاحب الجبل عند اكتشاف المؤامرة فالتجأوا إلى الصليبيين ([236]).

8 - ولا نعرف إذا كان المتآمرون اتصلوا بملك صقليّة لإرسال الأسطول مباشرة أم عن طريق ملك الصليبيين، لكنّ الأسطول قدم بعدم فشل المؤامرة، إلى الإسكندرية، وكان مكوناً من 200سفينة ويحمل أعداداً كبيرة من الخيالة والرجالة، فمُّني بخسائر كبيرة خاصة وأن الملك عموري لم يتقدم في البَّر كما كان الاتفاق بسبب القضاء على المتآمرين بحزم ([237]).

9 - وفي المرّة الأخيرة التي قدم فيها "جِرْج" برسالة إلى ديوان صلاح الدين وصل كتاب إلى الديوان "ممن لا نرتاب به من قومه "الصليبيون" يذكرون أنه رسول مخاتلة "خداع" لا رسول مجاملة" فاتخذ رجال صلاح الدين الاحتياطات المناسبة لمراقبته دون أن يشعر، ولم يظهروا له أي شكٍ فيه وقام "جرج" بالاتصال بجماعة القصر الفاطمي، ومدبري المؤامرة، وأمراء الجند الفاطمي السابقين، وجماعة من النصارى واليهود عند ذلك توصل رجال دولة صلاح الدين إلى إدخال أحد العيون إليهم من جماعتهم " فَدَسْنا إليهم من طائفتهم من داخلهم ([238])، فصار ينقل إلينا أخبارهم ويرفع إلينا أحوالهم ([239]).

10 - وبدأت تنتشر الإشاعات والأقاويل بين الناس حول المؤامرة، وخاف رجال دولة صلاح الدين من انكشاف الأمر وهرب رؤساء الفتنة، فقرروا اعتقالهم، ثم أحضروا واحداً واحداً أمام صلاح الدين: وقَرَّرَهم على هذه الحالة فأقروا واعترفوا واعتذروا بكونهم قُطعِت أرزاقهم وأخذت أموالهم ([240]).

11 - تبين من التحقيقات والإقرارات أنهم عَينّوا خليفة ووزيراً، وأنه وقع خلاف بينهم حول الخليفة وحول الوزير (آل رُزّيك أو آل شاور).

12 - استفتى صلاح الدين العلماء في أمرهم، فأفتوا بقتلهم، وعندما تردد صلاح الدين في التنفيذ، طالب، أهل الفتوى وأهل المشورة بالإسراع في التنفيذ، فصَدَر الأمر بقتلهم وصلبهم: وشنقوا على أبواب قصورهم، وصلبوا على الجذوع المواجهة لدورهم ([241]). وكان المشهورن الذين شنقوا: الشاعر عمارة بن علي اليمني، وعبد الصمد الكاتب، والقاضي العويرس، وداعي الدعاة ابن عبد القوي. وقد حاول القاضي الفاضل صادقاً الشفاعة لدى صلاح الدين في عمارة، على الرغم من العداوة القديمة بينهما، إلا أن عمارة اعتقد أنها خدعة فرفض قبولها، فتم صلبه مثل غيره ([242]).

13 - وأما أهل القصر فقد اعتقلوا بداية، ثُم نُقلوا إلى أماكن مختلفة وأعطى القصر إلى أخيه العادل، ذلك أن صلاح الدين رأى: فإنهم مهما بقوا فيه بقيت مادة لا تنحسم الأطماع عنها، فإنه "القصر" حبالة للضلال منصوب، وبيعة "مقامٌ " للبدع محجوبة ([243]).

14 - وشُرَّدت طائفة الإسماعيلية من بلاد مصر ونُفُوا أما البقية فقد أعلن في القاهرة: بأن يرحل كافة الأجناد وحاشية القصر وراجل السُّودان إلى أقصى بلاد الصعيد ([244]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير