تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تحرير مذهب ابن تيمية في حكم الموالاة العملية للكفار]

ـ[سلطان العميري]ــــــــ[08 - 04 - 08, 01:05 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العاملين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

فهذا بحث مختصر في تحرير مذهب الإمام ابن تيمية في حكم الموالاة العلمية للكفار , والسبب الذي أوجب هذا البحث هو: أن كثيرا من المعاصرين قد اختلفوا في تحرير مذهبه في هذه المسألة , فمنهم من فهم من كلامه أنه يرى أن الموالاة العملية للكفار كفر أكبر , ومنهم من فهم من كلامه أنها ليست كفرا أكبر وإنما هي معصية دون ذلك , وزاد الخلاف بين الفريقين وتوسع , خاصة مع هذه الظروف المعاصرة التي كثر الكلام فيها حوله هذه المسألة , هذا كله مع أن كلام ابن تيمية موجود بين أيدينا , في كتبه ورسائله.

فالبحث العلمي يتطلب الرجوع إلى كلامه هو نفسه , وجمع متفرقه , والتأمل فيه مع مراعاة أصول فكره وقواعده التي اعتمد عليها , ومنطلقاته , ومن ثم تحصيل رأيه في المسألة , وهذا ما أرجو أن يكون البحث قد حققه.

وهذا البحث مكون من مسألتين:

المسألة الأولى: كلامه الذي يدل على عدم التكفير بالموالاة العملية.

المسألة الثانية: كلامه الذي فهم منه أنه يكفر بالموالاة العملية.

المسألة الأولى

الذي يتحصل من كلام ابن تيمية رحمه الله أنه يرى أن الموالاة العملية للكفار ليست من جنس المكفرات , وأن من والى الكفار بعمله الظاهر فقط ليس كفارا , والذي يدل على صحة هذا من كلامه عدة أمور:

الأمر الأول: فتواه في من قاتل مع التتار , فإنه سئل عن حكم من قاتل مع التتار من أهل ماردين ضد المسلمين فلم يحكم عليهم بالكفر , هذا مع أنه يحكم على التتار بالكفر في تلك الفترة من تاريخهم , فهو إذن قد أفتى في قوم قاتلوا مع الكفار , أي أنهم تولوا الكفار بعملهم الظاهر بعدم الكفر , وهذه الفتوى صريحة في كونه لا يكفر من والى الكفار بعمله الظاهر.

وهذا الأمر يتطلب أن نثبت من كلامه أمرين , وهما:

1 - كونه يحكم على التتار بالكفر.

2 - وكونه لم يكفر من قاتل معهم ضد المسلمين.

أما بالنسبة للأمر الأول وهو كونه يكفر التتار , فمما يدل عليه من كلامه قوله:"لما ظهرت التتار وأراد بعضهم الدخول في الإسلام , قيل: إن هولاكو أشار عليه بعض من كان معه من الفلاسفة بأن لا يفعل , قال ذاك لسانه عربي ولا تحتاجون إلى شريعته " ([1]) , فقوله هذا فيه التصريح بأنهم لم يكونوا مسلمين , ومما يدل على ذلك من كلامه أيضا تسميته لهم مشركين وكفار , وفي هذا يقول:" ولذلك لما ظهر المشركون التتار وأهل الكتاب كثر في عبادهم وعلمائهم من صار مع المشركين وأهل الكتاب وارتد عن الإسلام إما باطنا وظاهرا وإما باطنا " ([2]).

وكلام ابن تيمية في تقرير كفر التتار في أول أمرهم كثير.

وأما بالنسبة للأمر الثاني وهو كونه لم يحكم على من قاتل معهم بالكفر فيدل عليه فتواه في أهل ماردين , وهذا نص السؤال والفتوى:" سئل عن بلد ماردين هل هي بلد حرب أم بلد سلم؟ , وهل يجب على المسلم المقيم بها الهجرة إلى بلاد الإسلام أم لا؟ , وإذا وجبت عليه الهجرة ولم يهاجر وساعد أعداء المسلمين بنفسه أو ماله هل يأثم في ذلك؟ , وهل يأثم من رماه بالنفاق وسبه به أم لا؟.

فأجاب الحمد لله دماء المسلمين وأموالهم محرمة حيث كانوا , في ماردين أو غيرها , وإعانة الخارجين عن شريعة دين الإسلام محرمة سواء كانوا أهل ماردين أو غيرهم , والمقيم بها إن كان عاجزا عن إقامة دينه وجبت الهجرة عليه , وإلا استحبت ولم تجب.

ومساعدتهم لعدو المسلمين بالأنفس والأموال محرمة عليهم , ويجب عليهم الامتناع من ذلك بأي طريق أمكنهم , من تغيب أو تعريض أو مصانعة , فإذا لم يمكن إلا بالهجرة تعينت.

ولا يحل سبهم عموما ورميهم بالنفاق , بل السب والرمي بالنفاق يقع على الصفات المذكورة فى الكتاب والسنة فيدخل فيها بعضأهل ماردين وغيرهم.

وأما كونها دار حرب أو سلم فهي مركبة فيها المعنيان , ليست بمنزلة دار السلم التي تجرى عليها أحكام الإسلام , لكون جندها مسلمين , ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار , بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحقه , ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه" ([3])

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير