تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وترقى إلي الرتبة العلمية الأولى من رتب علماء القرويين عام 1325/ 1907، وهي أعلى الرتب العلمية بالقرويين.

كما أسس مكتبة علمية كبرى، فتحها لعموم الباحثين والدارسين، اهتبل بها علماء المغرب والمشرق، وكتبت عنها مقالات، حوت نفائس الكتب والآثار والنقود، والدوريات والمجلات والوثائق، منها نهل جل من بحث في التاريخ المغربي، والفقه الإسلامي والتصوف في عصره.

حج مرتين؛ أولهما: عام 1323، وزار مصر والحجاز والشام، ولقي إقبالاً منقطع النظير من حكام وعلماء ووجهاء تلك البلاد التي زارها، جعلهم يصفونه بأعلى الأوصاف، وعاد إلى المغرب محملاً بعلم المشرق مادة وكتباً وإجازات.

ثم حج مرة ثانية في حدود عام 1351، وزار أثناء هذه الرحلة مختلف دول أوروبا التي اجتمع فيها بأمير البيان شكيب أرسلان، وأعجب كل منهما بالآخر، ثم زار مصر والحجاز وفلسطين، ولبنان وسوريا، وزار مختلف المرافق والمعاهد العلمية والتاريخية، وافتخروا باللقاء به، والاستفادة من علومه.

وما ترك التدريس قط، لا في الزاوية الكتانية بفاس، ولا في جامع القرويين الأعظم، ولا في جميع خرجاته الإرشادية التي كان يقوم بها إلى مختلف مدن المغرب، والجزائر، وتونس والمشرق، ومختلف البلاد التي زارها بأوربا.

وفي سبيل نشاطه العلمي شارك في عشرات الندوات والمنتديات والمؤتمرات العلمية في المشرق والمغرب وأوروبا، وكان عضواً فعالاً في مجمع اللغة العربية بدمشق، وقدم إلى مؤتمر المستشرقين الذين انعقد في معهد الدراسات العليا بالرباط عام 1346 رسالة في "إثبات التدوين لأهل القرن الأول الهجري من الصحابة والتابعين".

عرف الشيخ عبدالحي الكتاني بنشاطه السياسي الدؤوب بجانب نشاطه العلمي والمعرفي والصوفي، بحيث سخر معارفه للسياسة، وسياسته للمعارف. غير أن السابر للخط السياسي للشيخ عبدالحي الكتاني يجده دائراً على نفس مبادئه المحافظة التي نشأ وترعرع فيها.

فقد شارك شقيقه الشيخ أبا الفيض محمد بن عبدالكبير الكتاني في جميع نشاطاته الإصلاحية؛ كالدعوة إلى الإصلاح الإداري بالمغرب، وإحداث الدستور والمجالس النيابية، واستقبال رواد الفكر الحر الذين فروا من جور الدولة العثمانية إلى المغرب، والدعاية لهم، والكتابة في مجلاتهم، وفتح الزوايا الكتانية لدروسهم.

وأثناء البيعة الحفيظية عام (1325/ 1907) كان أحد أهم العوامل لإنجاحها؛ فقد جمع العلماء بأمر من أخيه، من أجل بيعة السلطان المولى عبدالحفيظ بن الحسن، ووجه الرسائل إلى مختلف القبائل المغربية من أجل ضمان البيعة، بل ذهب بنفسه إلى مراكش من أجل تأمين الطريق للسلطان المولى عبدالحفيظ إلى فاس، والتقى بمحلته بمشرع الشعير، وكان أكبر رفقائه.

وألف في سبيل ذلك كتابه: "مفاكهة ذي النبل والإجادة حضرة مدير جريدة السعادة" في إطار الحملة الإعلامية والفكرية التي كانت تقوم بها الطريقة الكتانية وروادها ضد الحملة الإعلامية الاستعمارية ممثلة في جريدة "السعادة"، وشرح في هذه الرسالة –التي طبعت مراراً وترجمت لعدة لغات- أفكاره وأسباب القيام بالدعوة الحفيظية، وفلسف فيها مفهوم البيعة وإمارة المؤمنين.

غير أنه ابتلي فيمن ابتلي في محنة شقيقه الشيخ أبي الفيض واعتقل بسجن أبي الخصيصات بفاس عدة أشهر، لقي أثناءها عكس ما كان يفترض أن يلقاه نتيجة نشاطه الوطني والإسلامي المخلص، سواء من طرف المخزن، أو من طرف وجهاء المغرب؛ فأيقن أن البلاد تحتاج إلى إصلاح ديني واجتماعي وأخلاقي وحضاري، لا إلى إصلاح عسكري.

وأثناء الحماية الفرنسية (1921/ 1956) حافظ الشيخ عبدالحي الكتاني على علاقات وطيدة مع سلطات الحماية، فحصل بسبب ذلك على نفوذ كبير استخدمه في كافة نشاطاته.

وأسس في هذا المضمار مؤتمر الطرق الصوفية، الذي كان يروم عن طريقه إحداث كتلة من الطرق الصوفية على غرار مجمع الطرق الصوفية بمصر، تقوم بالمحافظة على الإسلام واللغة العربية والمبادئ الدينية في مختلف مناطق المغرب والجزائر وتونس.

كما كانت له حملات ضد ما يعرف بإصلاح جامعة القرويين وتغيير نظامها. وعند فرض الإصلاح على الجامعة عام (1350/ 1939) كان أول المنسحبين من التدريس، واكتفى بدروسه غير النظامية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير