[توسل سواد بن قارب]
ـ[الأفغاني السلفي]ــــــــ[15 - 04 - 08, 06:42 ص]ـ
[توسل سواد بن قارب]
استدل أحد أعلام الصوفية الشيخ أحمد بن زيني دحلان على التوسل بالذوات بما روى الطبراني رحمه الله في كتابه "المعجم الكبير" من أن سواد بن قارب رضي الله عنه أنشد لرسول صلى الله عليه وآله وسلم قصيدته التي توسل فيها بقوله:
وأشهد أن الله لا رب غيره *****وأنك مأمون علي كل غائب
وأنك أدني المرسلين وسيلة ***** إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير مرسل ** وإن كان فيما فيه شيب الذوائب
وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة ** بمغن فتيلا عن سواد بن قارب
ثم قال الشيخ دحلان: ولم ينكر الرسول عليه.
الكلام على متن هذا الحديث
إن هذه الأبيات الأربعة التي استشهد بها الشيخ دحلان على جواز التوسل بذات رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيها معاني التوسل الذي يعنيه وبخاصة في البيت الثاني وهو قوله:
إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب وإنك أدنى المرسلين وسيلة
تعريف الوسيلة لغة وشرعاً أن الوسيلة هي القربة إلى الملك ووسل إلى الله وسيلة وتوسل إليه بوسيلة أي تقرب إليه بعمل.
ولا شك ولا ريب أن العمل الذي عمله رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الأنبياء فصار بذلك أوفي المرسلين إلى الله وسيلة أي قربة ومنزلة فأي معني من معاني التوسل بذوات المخلوقين موجود في هذا البيت …؟ الجواب: ليس فيه أي معني من معاني التوسل بذوات المخلوقين إنما معناه هو ما قلناه آنفاً: إن أعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي أعظم أعمال الأنبياء والمرسلين فصار بذلك أدناهم وأقربهم إلى الله تعالى.
كما أن الوسيلة معناها كما فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا علي فمن صلي علي مرة صلى الله عليه وسلم الله عليه بها عشراً ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها درجة رفيعة في الجنة … لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو))
وهذا المعنى أيضاً لا يخرج عن المعنى الأول وهي الوسيلة والقربة من الله تعالى فهل في ذلك ما يفيد جواز التوسل بذات المخلوق …؟
وهذا ما يقصده سواد بن قارب رضي الله عنه في أبياته التي يمدح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعل الدحلان يقصد أيضاً ما جاء في البيت الأخير:
بمغن قتيلاً عن سواد بن قارب وكن لي شفيعاً يوم لا ذو شفاعة
وكذلك ليس في البيت الأخير ما يعين الدحلان على مراده ألبته لأن سواد بن قارب يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرجوه أن يدعو الله تعالى أن يكون له شفيعاً يوم القيامة والخطاب هذا ولا شك كان في حياته صلى الله عليه وسلم وطلب الشفاعة منه حال حياته لا بأس به لأنه طلب لدعائه صلى الله عليه وسلم لأن يكون سواد في جملة من يشفعه الله بهم يوم القيامة أي يأذن له بالشفاعة فيهم فما الذي في هذا البيت من معاني التوسل بذوات المخلوقين …؟! اللهم إلا إذا كان الدحلان يريد أن يحمل الألفاظ ليستقيم مراده …!! فهذا شيء آخر إنما لا يقر علي ذلك فإن اللغة العربية التي خلق الله مفاهيمها ومدلولات ألفاظها لا تخضع إلى مراد الدحلان فقواعد اللغة ثابتة ومعانيها فرغ منها فلا يطمع أحد في تغييرها علي ما يحب ويهوى.
والخلاصة: ليس في متن هذا الحديث أي معني من معاني التوسل المعروف عند الدحلان ومن البدهي بعد ذلك أن لا يصلح هذا الحديث حجة ولا دليلاً علي مراد التوسل بذوات المخلوقين فسقطت حجة الاستدلال به علي ذلك متناً أما سنداً فإليك تفصيل ذلك:
الكلام على سند هذا الحديث
وهنا تبين لكم: أن هذا الحديث ليس في صيغة متنه ما يفيد قيام أية حجة على صحة ما يجهد (القوم …) ويحاولون من إثبات جواز التوسل بذوات المخلوقين …!!!
وحتى لو صح هذا الحديث سنداً ليس في متنه حجة لهم بل هو ولا شك حجة عليهم كما أثبتنا ذلك آنفاً فكيف وإن سنده ضعيف …!!! فقد ذكر الهيثمي في كتابه "مجمع الزوائد" أن الحديث ضعيف كما ثبت أن كافة طرقه ورواياته التي ورد فيها ضعيفة واهية وإليك البيان:
1 – رواية البيهقي وهي عنده: فيها زياد بن زيد بن بادويه ومحمد بن نواس الكوفي.
قال الذهبي: هذا حديث منكر بالمرة، ومحمد بن نواس وزياد، مجهولان لا تقبل روايتهما. وأضاف: وأخاف أن يكون موضوعاً أبي بكر بن عباس.
¥