تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من ضال تائه قد هدوه فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عقال الفتنة فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتن المضلين.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا

وإن من نعم الله العظيمة أن الله يقيض للناس في رأس كل مائة من يعلمهم السنن وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب.

وإن من المجدّدين في عصرنا الظاهرين على الحق بمغربنا الآمرين بالتوحيد بجزائرنا، رجالا حباهم الله بمضاء ذكاء قطعوا به قيود الجمود، وأنعم عليهم بعزائم ثابتة زلزلوا بها راسيات الخرافات وميزهم بهمم عالية فضحت أطماع المتزهدين. فسيماهم علم في مضاء ذكاء، وعمل في ثبات عزيمة، وسيرة في علو همة. تلك صفات رجال الإصلاح الديني بوطن الجزائر، الذين ظهروا في ميدان الدعوة إلى التوحيد وترك الشرك والتنديد و والعلم و العمل بالكتاب والسنة، منذ سنة 1343، وهي من أوائل المئة الرابعة عشرة بعد عصري النبوة والخلافة.

وعلى تلك الصفات الثلاث تكسرّت نبال الأذى، ونبت شباة الشتيمة، وفلّ سلاح المعارضة من رؤساء في الدين جهال به، يزهدون الأتباع، ويحرصون على الابتلاع، ومن شيعة لهم طامعة في دينارهم، أو مغرورة بدثارهم، ومن سادة لهم هم المعمرون، الذين يشبهونهم في شرب عرق الخدامين.

وتحت لواء تلك الصفات اجتمع كل نقي اللب، تقي القلب، فكانت قوة اتحاد إلى قوة الحق والإعراب عنه، حققت شيئا من الآمال وقضت على أنواع من الضلال، وتجلت تلك القوة في تأسيس "جمعية العلماء المسلمين الجزائرين" والمحافظة عليها، وتخليصها من عناصر الضعف والدجل.

فنجحت نجاها جليا ظهرت آثاره للعيان، ولَمَسَه الموافق والمخالف والمعتدل والمتجانف، في تصحيح عقائد الأمة الجزائرية، وتطهيرها من شوائب الشرك القولي والعملي التي شابتها. فصحت العقائد وصحت لصحتها الإرادات والعزائم. فجمعت طوائف عظيمة من الأمة الجزائرية على الحق بعد أن كانت متفرقة على الباطل.

أصبح المنتسبون إلى الإصلاح ولو من العامة يخلصون لله في عباداتهم وإيمانهم ونذورهم وأدعيتهم، ونبذوا كل ما كانوا عليه من عقد فاسد أو قول مفترى أو عمل مبتدع في هذه الأبواب كلها وأصبحوا يفرقون بين التوحيد والشرك وبين الإيمان والإلحاد وبين السنة والبدعة والمشروع وغير المشروع.

وليست هذه النتيجة بالأمر اليسير لولا عون الله لهم لما بذلوه من مجهود وجهاد وأعمال في هذا السبيل.

والحق أن هذه الآثار الجلية كلها راجعة إلى المقالات التي نشرتها صحف الإصلاح والدروس والمحاضرات والكتب المؤلفة المبثوثة بين الناس.

أيها الإخوة الأعزاء: إن الكتابة عن العلماء المصلحين الأئمة العاملين والعناية بنشر أخبارهم وبث علومهم بين الأنام من الواجبات المحتمات على كل من رزقه الله تعالى القدرة على الكتابة.

وعلى هذا سارت جمعية العلماء المسلمين ـ شعبة بلدية بلوزدادـ بالتعاون مع جماعة من حملة الشريعة لبعث أسبوع الإمام المجدد عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى، فعطرت هذه الأيام بمحاضرات علمية يستفيد منها المسلم ويعلم ما لم يكن يعلم من الجوانب العلمية والعملية من حياة الإمام رحمه الله تعالى،

فجاءت محاضرة الأمس في هذا المسجد تزيل الغبار عن الجانب الإصلاحي عند الإمام ألقاها أخونا الشيخ شهاب بولرباح إمام وخطيب المسجد، وفي مسجد أحمد حفيظ ألقى أخونا الشيخ عبد الحق شطاب إمام وخطيب مسجد أحمد حفيظ محاضرة استهلها بترجمة مستفيضة للإمام رحمه الله تعالى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير