تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بعد أن اطلعنا على ما كان عليه حال ميراث المرأة قبل الإسلام ومبلغ الظلم الذي لحق بها من جراء تلك التشريعات والأنظمة الفاسدة، والتي كان للطمع والهوى فيها دور كبير، جاء الإسلام بنوره وعدله ليرفع عنها ما لحق بها من البغي والإجحاف، وليقرر أنها إنسان كالرجل، لها من الحقوق ما لا يجوز المساس به أو نقصانه، كما عليها من الواجبات ما لا ينبغي التفريط أو التهاون به، وبمقارنة سريعة بين نظام الإسلام في توريث المرأة وبين الشرائع والأنظمة القديمة والحديثة نجد:

1 - أن الذي تولى أمر تقسيم التركات في الإسلام هو الله تعالى وليس البشر، فكانت بذلك من النظام والدقة والعدالة في التوزيع ما يستحيل على البشر أن يهتدوا إليه لولا أن هداهم الله، قال تعالى: ((آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)) [النساء/11]

2 - الإسلام نظر إلى الحاجة فأعطى الأكثر احتياجا نصيباً أكبر من الأقل احتياجا ولذلك كان حظ الأبناء أكبر من حظ الآباء، لأن الأبناء مقبلون على الحياة والآباء مدبرون عنها؛

ولذلك كان للذكر مثل حظ الأنثيين في معظم الأحيان فلا شك أن الابن الذي سيصير زوجاً باذلا لمهر زوجته، منفقا عليها وعلى أولاده منها أكثر احتياجا من أخته التي ستصير زوجة تقبض

مهرها، ويرعاها وينفق عليها زوجها.

3 - إن الإسلام قد حصر الإرث في المال ولم يتعداه إلى الزوجة كما كان في الجاهلية، بل كرم رابطة الزوجية، وجعل ما بين الزوجين من مودة ورحمة حال الحياة سبباً للتوارث عند الوفاة، فلم يهملها كما فعلت بعض الشرائع.

4 - الإسلام لم يهمل حق القرابة كسبب من أسباب التوارث كما فعل القانون الروماني واليوناني بل إعتبر أن قرابة الرجل من الروابط الوثيقة بينه وبين أسرته، ولها حق طبيعي من الشعور الخالص والصلة الموفورة، والمرء يقوى بقرابته، ويأنس بها في حياته، ويبذل في سبيلها ما يمكنه من عطاء وخدمة ونصرة، ويجعلها في الدرجة الأولى من الرعاية.

5 - أما المساواة بين الأقارب في القانون المصري القديم فأمر يرفضه الإسلام أيضاً لتعلق توارث الأقارب بمفهوم القرب والبعد من المورث، وعليه فالبنوة مقدمة على الأبوة وهذه مقدمة على الأخوة وهكذا ... كما لم يقر الإسلام المساواة في الإرث بين الأخوة بالشكل الذي ذهب إليه القانون الفرنسي والروماني بل جعل الأخوة على درجات ثلاث (لأبوين، للأب،لأم) وقد راعى تلك الدرجات وورث الأقوى والأقرب.

6 - إيثار أرشد الذكور وتمييزه عن باقي أخوته في النصيب الإرثي مبدأ لم يقره الإسلام كما درجت عليه شرائع الأمم الشرقية القديمة والعرب في الجاهلية.

7 - ليس للابن كونه بكراً أية أفضلية على باقي الأبناء في الإسلام، على النحو الذي ذهبت إليه الشريعة اليهودية، حيث خصت البكر بنصيب اثنين من أخوته.

8 - لقد ضمن الإسلام حق مشاركة البنات للأبناء في الإرث من والدهن ولم يحجبهن بالأبناء كما ذهبت إليه الشريعة اليهودية، قال تعالى ((لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا)) [النساء/7].

و بعد هذه المقارنة يتبين لنا حقيقة ساطعة وهي أن نظام الإسلام في الميراث عامة وما يتعلق منه بالمرأة خاصةً هو النظام الوحيد الذي يوافق حركة السعي والنشاط في الجماعات البشرية، ولا يعوقها عن التقدم الذي تستحقه بسعيها ونشاطها.

*حكمة مشروعية ميراث المرأة:

إن المتأمل في مسألة تشريع الميراث للمرأة يجد لذلك حكماً كثيرة نورد منها:

1 - التأكيد على إنسانية المرأة وأنها شق الرجل، وأنها أهلاً لاستحقاق والتملك والتصرف كالرجل تماماً، وفي هذا من التكريم للمرأة ما فيه

2 - ثم إن الله عز وجل قد جعل الإنسان في الأرض خليفة، وشرفه فوكل إليه مهمة عمارتها واستنباط خيراتها، وزوده بقدرات تمكنه من القيام برسالته، ولفظ الإنسان عام يشمل الذكر والأنثى على حدٍٍّ سواء.

3 - تلبيةً لنداء الفطرة التي فطر الله الناس عليها ذكوراً وإناثا من حب التملك للمال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير