10 – أكد الصوفية على أن من آمن بوحدة الوجود، وسعى في الدعوة إليها – بالأسلوب المناسب – فهو: الشيخ الكامل، والصوفي الواصل، والولي العارف بالله، ولو كان من أجهل الناس وأفسقهم، وهذا ما يفسّر تعظيمهم لكثير من الجاهلين والمنحرفين، بل لكثير من الزنادقة الكافرين، لا لعلم نافع نشروه، ولا لعمل صالح عملوه، ولا لاعتقاد صحيح حققوه، بل لتحقيقهم وحدة الوجود وعملهم في ترويجها.
11 – اتبع الصوفية المذهب الباطني في تفسير النصوص الشرعية، لأنهم بحثوا في الكتاب والسنة، فلم يجدوا فيهما ما يوافق عقيدتهم، ويؤيد منهجهم، بل وجدوهما يدلان – دلالة ظاهرة واضحة – على بطلان مذهبهم، فزعموا أن للكتاب والسنة معاني باطنية لا تنكشف إلاّ لهم!
12 – أقر أئمة الصوفية أن وحدة الوجود عقيدة لا توافق الأدلة العقلية والنقلية، ومع ذلك فإنهم في معرض الترويج للمذهب، والخصومة مع المخالفين – يوردون شبهات عقلية وسمعية، زاعمين أنها تدل على وحدة الوجود، ولكنهم في الحقيقة يغالطون في العقليات، ويحرفون في السمعيات.
13 – اغتر بعض المسلمين بالصوفية، فانتسبوا إلى التصوف، ولبسوا الخرقة من شيوخ الصوفية، وتلقوا الأذكار منهم، ولكنهم لم يعلموا شيئاً عن عقيدة الصوفية السرية (وحدة الوجود)، وظنوا أن التصوف تقويم للأخلاق، وتهذيب للنفس، وتمرين على الزهد والعبادة.
مع العلم أن هؤلاء المخدوعين بالتصوف هم عند الصوفية في حكم العوام – لأنهم حُجبوا عن إدراك وحدة الوجود – ولو كان الواحد منهم إماماً في العلم والدين.
أما من سار في طريق التصوف إلى نهايته، وتعمق في أسرار العقيدة الصوفية، ووصل إلى مرتبة الكمال عندهم، فهو من أهل وحدة الوجود.
14 – وحدة الوجود عقيدة مناقضة للإسلام، هادمة لأصول الإيمان، مخالفة للمعلوم من الدين بالضرورة، وهي كفر وشرك بالله تعالى، في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته.
15 – وردت في ثنايا هذه الرسالة أسماء كثيرة لأئمة الصوفية، ممن صدرت عنهم أقوال تدل على إيمانهم بوحدة الوجود، ولكن هذا لا يعني تكفير هؤلاء بأعيانهم، والحكم عليهم بالخروج من الملة، لأن ذلك متوقف على توفر شروط التكفير، وانتفاء موانعه، كما هو معلوم، فقد يكون منهم من اغتر بهذه العقيدة، وهو لا يعلم بحقيقتها، وما تتضمنه من الكفر، أو أنه كان من المؤمنين بوحدة الوجود، ثم تاب عنها، وتبرأ منها.
16 – لما ظهرت عقيدة وحدة الوجود في الأمة الإسلامية أدرك أهل العلم ما تتضمنه من الكفر، وما تؤدي إليه من إفساد للعقيدة والشريعة، فقاموا بالتصدي لها، والوقوف في وجه أصحابها، والرد عليهم.
وأخيراً: فقد اتضح لنا من خلال هذه الرسالة أن وحدة الوجود لها في هذا العصر دعاة وأتباع، ولذا فإني في هذا الختام أوصي بما يلي:
- مناصحة دعاة وحدة الوجود، والرد عليهم، وكشف أباطيلهم، ومقارعتهم بالحجج والبراهين.
- بذل المزيد من الجهود في دعوة عوام الصوفية إلى العقيدة الصحيحة، والسعي – بجميع الوسائل الممكنة – لانتشالهم من البدع والضلالات التي أُسِّس مذهبهم عليها.
- دعوة المسلمين إلى التوحيد، وتعريفهم به، وتربيتهم عليه، وتحذيرهم مما يضاده.
- تحذير الناس من التصوف؛ لأنه الستار الذي اختبأ خلفه أهل وحدة الوجود، وكان هو المنبع لكثير من البدع المتفشية في الأمة.
- دعم المراكز والجمعيات الدعوية، المستقيمة على منهج السلف الصالح، أهل السنة والجماعة؛ لتقوم بدورها في نشر السنة، والرد على المبتدعة، والدعوة الصحيحة للإسلام، في شتى أنحاء العالم.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
فهرس الموضوعات
المقدمة
التعريف بالموضوع
أهميته وأسباب اختياره
منهج البحث
خطة البحث
شكر وتقدير
الباب الأول: التعريف بعقيدة وحدة الوجود
الفصل الأول: معنى وحدة الوجود والفرق بينها وبين الحلول والاتحاد ووحدة الشهود
المبحث الأول: معنى وحدة الوجود
المطلب الأول: معنى وحدة الوجود في اللغة
المطلب الثاني: معنى وحدة الوجود اصطلاحاً
إنكارهم ثنائية الوجود
اعتقادهم عدم الكائنات
اعتقادهم أن الكائنات هي الله تعالى
محاولتهم الجمع بين الكثرة والوحدة
الفصل الثاني: مصادر وحدة الوجود
المبحث الأول: وحدة الوجود في الهندوسية
المبحث الثاني: وحدة الوجود في الطاويّة
¥