تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويقولون ذات الباري هي نفسه ويعبرون بها عن وجوده وحقيقته ويحتجون في إطلاق ذلك بقوله في قصة إبراهيم ثلاث كذبات كلهن في ذات الله // رواه البخاري ومسلم // وقول خبيب

وذلك في ذات الإله قال وليست هذه اللفظة إذا استقريتها في اللغة والشريعة كما زعموا ولو كان كذلك لجاز أن يقال عند ذات الله واحذر ذات الله كما قال تعالى ويحذركم الله نفسه آل عمران (28) وذلك غير مسموع ولا يقال إلا بحرف في الجارة وحرف في للوعاء وهو معنى مستحيل على نفس الباري تعالى إذا قلت جاهدت في الله تعالى وأحببتك في الله تعالى محال أن يكون هذا اللفظ حقيقة لما يدل عليه هذا الحرف من معنى الوعاء وإنما هو على حذف المضاف أي في مرضاة الله وطاعته فيكون الحرف على بابه كأنك قلت هذا محبوب في الأعمال التي فيها مرضاة الله وطاعته وأما أن تدع اللفظ على ظاهرة فمحال

وإذا ثبت هذا فقوله في ذات الله أو في ذات الإله إنما يريد في الديانة والشريعة التي هي ذات الإله فذات وصف للديانة وكذلك هي في الأصل موضوعها نعت لمؤنث ألا ترى أن فيها تاء التأنيث وإذا كان الأمر كذلك فقد صارت عبارة عما تشرف بالإضافة إلى الله تعالى عز و جل لا عن نفسه سبحانه وهذا هو المفهوم من كلام العرب ألا ترى قول النابغة الذبياني

بجلتهم ذات الإله ودينهم ...

فقد بان غلط من جعل هذه اللفظة عبارة عن نفس ما أضيف إليه وهذا من كلامه من المرقصات فإنه أحسن فيه ما شاء أصل لفظة ذات أصل هذه اللفظة هو تأنيث ذو بمعنى صاحب فذات صاحبة كذا في الأصل ولهذا لا يقال ذات الشيء إلا لما له صفات ونعوت تضاف إليه فكأنه يقول صاحبة هذه الصفات والنعوت ولهذا أنكر جماعة من النحاة منهم ابن برهان وغيره على الأصوليين قولهم الذات وقالوا لا مدخل للألف واللام هنا كما لا يقال الذو في ذو وهذا إنكار صحيح والإعتذار عنهم أن لفظة الذات في اصطلاحهم قد صارت عبارة عن الشيء نفسه وحقيقته وعينه فلما استعملوها استعمال النفس والحقيقة عرفوها باللام وجردوها ومن هنا غلطهم السهيلي فإن هذا الإستعمال والتجريد أمر اصطلاحي لا لغوي فإن العرب لا تكاد تقول رأيت الشيء لعينه ونفسه وإنما يقولون ذلك لما هو منسوب إليه ومن جهته وهذا كجنب الشيء إذا قالوا هذا في جنب الله لا يريدون إلا فيما ينسب إليه من سبيله ومرضاته وطاعته لا يريدون غير هذا البتة فلما اصطلح المتكلمون على إطلاق الذات على النفس والحقيقة ظن من ظن أن هذا هو المراد من قوله ثلاث كذبات في ذات الله وقوله وذلك في ذات الإله فغلط واستحق التغليط بل الذات هنا كالجنب في قوله تعالى يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله الزمر 56 ألا ترى أنه لا يحسن أن يقال ههنا فرطت في نفس الله وحقيقته ويحسن أن يقال فرط في ذات الله كما يقال فعل كذا في ذات الله وقتل في ذات الله تعالى وصبر في ذات الله فتأمل ذلك فإنه من المباحث العزيزة الغريبة التي يثنى على مثلها الخناصر والله الموفق المعين فائدة إبدال النكرة من المعرفة. ا. هـ (بدائع الفوائد 2/ 400) طبعة دار عالم الفوائد

قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في المجموع:

ولفظ ذات تأنيث ذو وذلك لا يستعمل الا فيما كان مضافا الى غيره فهم يقولون فلان ذو علم وقدرة ونفس ذات علم وقدرة وحيث جاء فى القرآن او لغة العرب لفظ ذو ولفظ ذات لم يجىء الا مقرونا بالاضافة كقوله فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم وقوله عليم بذات الصدور

وقول خبيب رضى الله عنه

وذلك فى ذات الاله .... ونحو ذلك

لكن لما صار النظار يتكلمون فى هذا الباب قالوا انه يقال انها ذات علم وقدرة ثم انهم قطعوا هذا اللفظ عن الاضافة وعرفوه فقالوا الذات وهى لفظ مولد ليس من لفظ العرب العرباء ولهذا أنكره طائفة من اهل العلم كأبى الفتح بن برهان وابن الدهان وغيرهما وقالوا ليست هذه اللفظة عربية ورد عليهم آخرون كالقاضى وابن عقيل وغيرهما

وفصل الخطاب انها ليست من العربية العرباء بل من المولدة كلفظ الموجود ولفظ الماهية والكيفية ونحو ذلك فهذا اللفظ يقتضى وجود صفات تضاف الذات اليها فيقال ذات علم وذات قدرة وذات كلام والمعنى كذلك فانه لا يمكن وجود شىء قائم بنفسه فى الخارج لا يتصف بصفة ثبوتية اصلا بل فرض هذا فى الخارج كفرض عرض يقوم بنفسه لا بغيره. ا. هـ (6/ 98)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير