التجاوزات التي أدخلت على الرقية من أوسع أبوابها فما عادت الرؤية واضحة جلية، ولحق بالرقية ما لحقها من غبش وشوائب ورواسب، فأصبحت النظرة العامة للبعض تجاه الرقية على أنها من الشعوذة والدجل والسحر، ولا يخفى على القارئ الكريم أنه لا يمكن بأي حال من
الأحوال كتابة كل ما يسمع أو يرى على الساحة اليوم، فربما سمعنا اليوم بصاحب الفأس ذو القطار وقد يطل علينا غدا صاحب الحمار أو الحذوة أو الفأر، ولا ندري بعد ذلك ماذا سيكون الحال وإلى أين سيؤول المآل، ومن هنا فلا بد أن تكون هناك قواعد وأصول عامة ضابطة لكل ذلك، ومن أهمها موافقة تلك الممارسات والأساليب لنصوص الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم الأجلاء، أو ما ثبت نفعه من الناحية الحسية وكانت له نتيجة مطردة مع المعاناة والألم بعد موافقة أهل العلم على ذلك 0
أما قولكم - يا رعاكم الله - وأعني قول أخي الحبيب ومشرفنا القدير (ابن حزم الظاهري):
(كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: " اعرضوا عليّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك) 0
قلت وبالله التوفيق: هذا لا اشكال فيه مطلقاً لأن القاعدة محددة وبالتالي فمن سار في سياق تلك القاعدة لن يخرج عما حدده الشارع وذلك من خلال الدعاء بالمأثور وغيره وهذا يعتبر من الرقية الشرعية 0
أما قولكم - يا رعاكم الله - وأعني قول أخي الحبيب ومشرفنا القدير (ابن حزم الظاهري):
(إذا فالرقية كانت معروفة قبل الإسلام ودليله قوله (كنا نرقي في الجاهلية) فكيف تكون تعبدية مثل الصوم والصلاة وهي من قبل الإسلام)
قلت وبالله التوفيق: نعم كانت معروفة وقد أشتهر بها ضماد الأزدي، كما هو معروف في خطبة الحاجة، أما أنها كانت معروفة فجاء الإسلام وهذبها وأصبحت عبادة يتقرلاب بها العبد إلى الله عز وجل، ولم تكن تصرف قبل ذلك لله سبحانه وتعالى وحده 0
أما قولكم - يا رعاكم الله - وأعني قول أخي الحبيب ومشرفنا القدير (ابن حزم الظاهري):
(ثم أنت تعلم شيخي الحبيب أن الرسول صلي الله عليه وسلم لم يؤثر عنه علاج المس والعين بالقرأن مع ترسيخه لقاعدة علاج كافة الأمراض والأوجاع بالقرآن والدعاء صلي الله عليه وسلم ولن نجد مأثور صحيح عنه صلي الله عليه وسلم بخصوص رقية الممسوس فكيف نقول تعبدي توقيفي وليس لدينا تشريع في هذا الصدد) 0
هذا ما كنت أخشاه أن يفتح علينا (الإسلام اسلام) شبهات قد تنقدح في أفهام مشرفينا الأفاضل وقد تم الإجابة على ذلك من خلال النقل الصريح الواضح التالي:
وحتى يستبان الأمر فقد عدت صباح هذا اليوم واتصلت بشيخنا الفاضل العلامة (إبراهيم بن محمد البريكان) - حفظه الله - فأجاب بالتالي:
الرسول صلى الله عليه وسلم عالج الصحابية الجليلبة (أم زفر) بالدعاء، حيث قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك "، والدعاء من جنس الرقية الشرعية) (فضيلة الشيخ إبراهيم بن محمد البريكان - فتوى يوم الثلاثاء - بتاريخ 18/ 1 / 2007 م) 0
ولذلك نقول بأن هذا قد ثبت في مواضع عدة لعلاج الأمراض الروحية وهي على النحو التالي:
* علاج الصرع والاقتران الشيطاني:
نقف مع الحديث المشار إليه وهو على النحو التالي:
عن عطاء بن رباح قال: قال لي ابن عباس - رضي الله عنه –: (ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك؟ فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا لها) (متفق عليه) 0
وهذه المرأة اسمها أم زفر كما روى ذلك البخاري في صحيحه عن عطاء، والظاهر أن الصرع الذي كان بهذه المرأة كان من الجن 0
قال الحافظ بن حجر في الفتح: (وعند البزار من وجه آخر عن ابن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت: إني أخاف الخبيث أن يجردني، - والخبيث هو الشيطان - فدعا لها فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها 000 ثم قال: وقد يؤخذ من الطرق التي أوردتها أن الذي كان بأم زفر كان من صرع الجن لا من صرع الخلط انتهى) 0
¥