تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لم يكن منغلقاً الأفق ضيقاً، وإنما كانت رحلاته إلى أماكن مختلفة حتى خارج الجزيرة إلى العراق إلى البصرة وغيرها من أسباب تفتحه وأخذه للعلم عند المشايخ في الأماكن المختلفة.

وبدأ رحمه الله بعد عودته من رحلاته العلمية، ومعرفته بأوجب الواجبات، دعوة الناس إلى التوحيد، وأنه لابد من محاربة هذا الشرك، لابد من تغيير الواقع، أحس بالمسئولية العظيمة تجاه دين الله عز وجل، الكفر والشرك منتشر.

وهكذا بدأت الدعوة، وبدأ الإصلاح في العيينة والدرعية، وهكذا تحالف الشيخ مع محمد بن سعود وغيره لأجل إقامة دين الله عز وجل.

واتجه إلى هدم القبة التي كانت مبنية على قبر زيد بن الخطاب ومعه ستمائة من المقاتلين فهدمها؛ ثم قبة ضرار بن الأزور فهدمت، وأشجار كانت تعبد من دون الله وتصرف لها أنواع من العبادات فقطعها الشيخ رحمه الله.

بدأت الدعوة إلى التوحيد، ورأى الناس بأم أعينهم أن هذه الأشياء التي كانوا يعظمونها من دون الله لا تدفع عن نفسها ضراً، ولا تملك نفعاً، وأنها أُزيلت وقطعت فلم يحدث شيء.

بدأ الأثر العملي في القلوب، بدأ الشيخ رحمه الله الدعوة بالنصيحة والحسنى، بالتذكير، بوعظ الناس، بالتبيان، بالتأليف، وكان أول ما ألفه كتاب التوحيد، الذي يدرس اليوم في كثير من الأماكن، التوحيد الذي هو حق الله على العبيد.

وإذا كان هناك استعصاء من قبل سدنة الأضرحة وعباد القبور، فإن الشيخ رحمه الله بدأ يُجرد المفارز من أهل التوحيد لإزالة هذه الأشياء بالقوة، إذا لم يستجيبوا لإزالتها بالنصح واللين، فثارت ثائرة بعض هؤلاء الجهلة من المشركين والذين لهم مصالح في القبور والأضرحة، والذين كانت تأتي إليهم الأموال من الناس، أصحاب المصالح الشخصية، أعداء الدعوات في القديم والحديث، فثاروا على الشيخ، ناوئوه، عادوه، أرادوا تشويه سمعته، وكتبوا إلى أماكن مختلفة في التحذير منه؛ بل إنهم جردوا الجيوش لحربه.

وهكذا؛ مكن الله للشيخ تمكيناً عجيباً، ووفقه بمن أعانه على إقامة الدين والتوحيد.

كان عفيفاً؛ لم يأخذ الأموال كغيره؛ وإنما يعطي العلم الذي عنده، وكان له طلاب وأنصار وأعوان يبثهم لنشر الدين والدعوة، يعلمهم توحيد الله عز وجل، يقرءون عليه الكتب، ولازالت تنتشر من مكان إلى مكان، ومن بلدة إلى بلدة، في نجد وغيرها، حتى وصل الأمر إلى خصوم اجتمعوا وأرادوا القضاء على هذه الدعوة المباركة، ولما كان الله سبحانه وتعالى قد قال في كتابه العزيز عن المشركين: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} أي شرك وكفر {ويكون الدين كله لله] أي مسيطرا حاكماً {فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير}.

ولما قال الله في كتابه: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط، وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب، إن الله قوي عزيز} إذاً أنزل الله الكتاب ليحكم، وأنزل الحديد لكي يجاهد به المناوئين للكتاب.

فلما قام الشيخ بالدعوة فانتشرت؛ ثم صار لها أعداء أرادوا أن يرفعوا السلاح في وجهها ويمنعوا انتشارها، عرف الشيخ أنه لابد من الأخذ بالحديد لقتال من ناوئ الكتاب، وهكذا قام الجهاد في سبيل الله ضد المشركين، ونصر الله الشيخ.

وعاش عمراً مباركاً إلى عام ألف ومائتين وستة للهجرة.

رسائل وكتب في داخل الجزيرة وخارجها، دعوة وتبيان للأمور وجلاء ورد على الشبهات ودفاع.

وهكذا يبتلي الله المصلحين باستمرار بمن يشوه سمعتهم، ويسبهم ويشتمهم، وهذا طريق الأنبياء؛ ألم يقولوا عن نبينا صلى الله عليه وسلم ساحر، كذاب، مجنون، به جِنة!!

حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالناس أعداءٌ له وخصوم

كضرائر الحسناء قُلنَّ لوجهها حسداً وزوراً إنه لذميم

واتهم الشيخ بتهم كثيرة، منها: استحلال الدماء، وتكفير المسلمين، فكان يبين باستمرار أنه لا يستحل دماء المسلمين، وإنما يقاتل المشركين، ومتى كان قتال المسلمين في دينه ومنهجه؟!! وهو يعلم أنه لا يحل دم امرأ مسلم إلا بإحدى ثلاث، بما جاءت به الشريعة من إحلال الدم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير