تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكان يخاطب الناس بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله)) شهادة حقيقية؛ ليس لفظاً يُقال، وإنما شهادة تطبق بشروطها، حتى يعبد الله ويكفر بالطاغوت، هذه دعوة الرسل {أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} إنما يقول بلسانه أشهد أن لا إله إلا الله؛ ثم يعبد الطاغوت من دون الله؛ فليست هذه شهادة {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها}.

وكل ما جاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع طاغوت يقاتل. وكل من أراد حمايته والدفاع عنه فإنه يقاتل أيضاً.

وبيّن الشيخ رحمه الله موانع التكفير، وأنه لا يتسرع بتكفير كل أحد، لابد من إقامة الحجة أولاً، لابد من البيان، لابد من إزالة الشبهات، قد يكون الشخص جاهلاً فيعلم، أو لديه شبهات فيناقش، أو مكره فلا يكفر وهو مكره.

واتهم الشيخ بالظلم والتعدي، فكان يبيّن ويكتب عن فلان (استدعيته أولاً بالملاطفة)، ولفلان يقول: (ولست والحمد لله ممن ادعوا إلى مذهب صوفي، أو فقيه، أو متكلم، أو إمام من الأئمة، إنما ادعوا إلى الله وحده لا شريك له، وادعوا إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم).

استعمل الحكمة في دعوته، وكان يتلطف في مخاطبة مخالفيه، يبدأ أولاً باللين، ويقول لفلان: (لعلك تكون مثل الفاروق الذي فرق الله به بين الحق والباطل) أي تكون على طريقته.

وكذلك فإنه قال: (فإننا نرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية الله) فبيّن أنه ليس بخارج على خليفة للمسلمين، ولا إمام لهم موحد يقودهم إلى عبادة الله، ولم تكن دولة الخلافة في ذلك الوقت قد بسطت سلطانها على نجد، وكان فيها تقصير من جهة دعوة التوحيد، فجاء الشيخ لتكميله رحمه الله.

وممن تآمر عليه بعض الصليبيين الذين أيدوا بعض الباشوات في قتال اتباع تلك الدعوة، وهذا واضح في مكاتباتهم ومخاطباتهم وشهادة أهل التاريخ.

لقد انتشرت دعوة الشيخ رحمه الله، ووصلت إلى أصقاع مختلفة، ووصل معها أيضاً تشويهات من أطراف أخرى، مما كان يملأ به أذهان بعض الحجاج عن دعوة الشيخ تشويهاً وتعسفاً.

فممن وصلت إليه دعوة التوحيد في بلاد الهند عدة، وفي بلاد اليمن، وغيرها، حتى قال القائل:

سلام على نجد ومن حل في نجد ............... وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي

قفي واسألي عن عالمٍ حل سوحها ................ به يهتدي من ضل عن منهج الرشدِ

محمد الهادي لسنّة أحمدٍ .......... فيا حبذا الهادي ويا حبذا المهدي

لقد سرني ما جائني من طريقه ................ وكنت أرى هذه الطريقة لي وحدي

ويُعزى إليه كل ما لا يقوله ............... لتنقيصه عند التهامي والنجدي

فيرميه أهل الرفض بالنصب فرية ............ ويرميه أهل النصب بالرفض والجحد

وليس له ذنبٌ سوى أنه أتى ................. بتحكيم قول الله في الحل والعقدِ

ويتبع أقوال النبي محمد وهل غيره ................. بالله في الشرع من يهدي

لئن عدّه الجُهّال ذنباً فحبذا ................... به حبذا يوم انفرادي في لحدي

وهكذا كتب عدد من علماء الهند واليمن، يؤيدونه في دعوته.

وكذلك صار لهُ أعداء بفعل ما شوهت به السمعة بين الحجاج الذين كانوا يعودون إلى أمصارهم، فاتهموا الشيخ بالكفر والإلحاد والزندقة والتكفير واستحلال الدماء؛ ولكنه رحمه الله استمر على منهجه حتى دان للدعوة عند وفاته قريباً من مليونين ونصف من الناس.

وكتب أهل العلم في تأييده على ذلك من العراق واليمن والشام ومصر.

وفي ذات الوقت كان لهُ أعداء قد كتبوا ضد دعوته، والله سبحانه وتعالى يبتلي: {ألم، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين}

وكانت قريش تجتهد في أن تملأ أذهان الحجاج الذين يأتون مكة بالباطل حول النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته، حتى أن بعض من قدم مكة سد أُذنيه بالقطن حتى لا يسمع دعوته النبي صلى الله عليه وسلم.

وهكذا فعل هؤلاء، ونسبوا إلى الشيخ أباطيل كثيرة؛ ولكن يشاء الله سبحانه وتعالى أن تستمر القضية والمسلسل في الاتهامات في القديم والحديث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير