[هل تصح هذه الرواية عن مالك رحمه الله؟]
ـ[أبو عيسى الحنبلى]ــــــــ[01 - 05 - 08, 05:29 م]ـ
بسم الله والحمك لله والصلاة والسلام على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أما بعد
فهذه القصة ذكرها القاضي عياض رحمه الله في الشفا فهل تصح نسبتها إليه
قال رحمه الله:
قال القاضى أبو الفضل وهذه كانت سيرة سلفنا الصالح وأئمتنا الماضين رضى الله عنهم حدثنا القاضى أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الأشعري وأبو القاسم أحمد بن بقى الحاكم وغير واحد فيما أجازونيه قالو أخبرنا أبو العباس أحمد بن عمر بن دلهاث قال حدثنا أبو الحسن على بن فهر حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الفرج حدثنا أبو الحسن عبد الله بن المنتاب حدثنا يعقوب بن إسحاق بن أبى إسرائيل حدثنا ابن حميد قال ناظرا أبو جعفر أمير المؤمنين مالكا في مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال له مالك يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله تعالى أدب قوما فقال (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) الآية، ومدح قوما فقال (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله) الآية، وذم قوما فقال (إن الذين ينادونك) الآية وإن حرمته ميتا كحرمته حيا فاستكان لها أبو جعفر وقال يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عيه السلام إلى الله تعالى يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله قال الله تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم) الآية
ـ[عيد فهمي]ــــــــ[03 - 05 - 08, 03:48 م]ـ
أجاب على سؤالك هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قديما فقال:
((الجواب عن هذا من وجهين:
أحدهما المطالبة بصحة هذه الحكاية وليس معه ولا مع من ينقلها بها إسناد صحيح ولا ضعيف وإنما غايته أن يعزوها إلى الشفا أو إلى من نقلها منه وكل عالم بالحديث يعلم أن في هذا الكتاب من الأحاديث والآثار ما ليس له أصل ولا يجوز الاعتماد عليه فإذا قال القاضي عياض ذكره فلان في كتابه فهو الصادق في خطابه وإذا لم يذكره من أين
نقله لم نتهمه ولكن نتهم من فوقه وقد رأيناه ينقل من كتب فيها كذب كثير وهو صادق في نقله منها لكن ما فوقه لا يجوز الاعتماد عليهم
الوجه الثاني أن يقال هذه الحكاية كذب بلا ريب من وجوه
منها أنها مخالفة لمذهب مالك ومذهب سائر الأئمة فإنهم متفقون على أن من سلم على النبي صلى الله عليه و سلم ثم أراد الدعاء فإنه يستقبل القبلة كما روى ذلك عن الصحابة
وتنازعوا وقت السلام عليه هل يستقبل القبلة أو القبر على قولين فقال أبو حنيفة يستقبل القبلة أيضا وقال غيره يستقبل القبر وقت السلام عليه
وأما وقت الدعاء فما أعلم إماما خالف في أنه يستقبل القبلة بل الأئمة متفقون على أن قبلة المسلمين التي يستقبلونها في جميع أدعيتهم وأمكنتهم هي الكعبة ويستحب لكل من دعا الله أن يستقبل الكعبة حيث كان وأين كان كما كان النبي صلى الله عليه و سلم يستقبلها فيستقبل وقت الذكر والدعاء بعرفة ومزدلفة وبين الجمرات وعلى الصفا والمروة وعقب الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه و سلم وغيره
وما جعل أحد من الأئمة قبر أحد من الأنبياء قبلة للدعاء وإنما يستقبل قبورهم أهل الجهل عند عباداتهم
ومن هؤلاء الغلاة من يستقبل قبورهم ويصلي إليها وقد ثبت في
الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها
ومنهم من يستقبل قبر شيخه وقت الصلاة ويستدبر الكعبة ويقول هذا قبلة الخاصة والكعبة قبلة العامة وهذا كفر صريح يوجب استتابة قائله مع أنه يفعله طائفة من الزهاد والعباد وبعضهم يسجد لقبورهم
وكذلك قصد قبورهم للصلاة والدعاء بدعة وقد ثبت عن مالك وغيره من الأئمة أنهم جعلوا ذلك من البدع التي لم يفعلها أحد من الصحابة ولا التابعين
فعلم أن هذا كذب على مالك مخالف لمذهبه كما كذبوا عليه أنه كان يأخذ طنبورا يضرب به ويغني لما كان في المدينة من يغني حتى إن أكثر المصنفين في إباحة السماع كأبي عبدالرحمن السلمي والقشيري وأبي حامد ومحمد بن طاهر المقدسي وغيرهم يذكرون إباحته عن مالك وأهل المدينة وهو كذب فإنه قد علم بالتواتر من مذهبه النهي عن ذلك حتى قال إسحاق بن الطباع سألت مالكا عما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء فقال إنما يفعله عندنا الفساق
ومنها أن مالكا من قوة متابعته للسنة كره أن يقال زرت قبر النبي
صلى الله عليه و سلم وهذا مما لا يستريب أحد في ثبوته عنه مع أن لفظ زيارة القبور في الجملة مما جاءت به السنة في غير قبره كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال زار النبي صلى الله عليه و سلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال استأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن فزوروا القبور فإنها تذكر الموت
والأحاديث في ذلك كثيرة.))
والله الموفق
¥