تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد أزال ابن تيمية رحمه الله اللبس الواقع في كلام مالك في ((مجموع الفتاوى)) (1/ 231) بقوله: ((قال أبو الوليد الباجي: ((وعندي أن يدعو للتبي بلفظ الصلاة، ولابي بكر و عمر بلفظ السلام؛ لما في حديث ابن عمر رضي الله عنه من الخلاف) قال ابن تيمية: وهذا الدعاء يفسر الدعاء المذكور في رواية ابن وهب، قال مالك في رواية ابن وهب: ((إذا سلم على النبي ودعا يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة، ويدنو ويسلم، ولا يم القبر)) فهذا هو السلام عليه و الدعاء له بالصلاة عليه كما تقدم تفسيره)) انتهى.

وقد نقل عياض في ((الشفا)) (2/ 88): (عن ((المبسوط)) للقاضي اسماعيل بن اسحاق المالكي رواية أخرى عن مالك، قال: لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه و سلم فيصلي عليه، (ويدعو لابي بكر و عمر رضي الله عنهما)) انتهى.

فظهر أن مالكا قصد بقوله السابق ((ودعا)) أي الدعاء للنبي صلى الله عليه و سلم ولصاحبيه رضي الله عنهما لا دعاء الزائر لنفسه، وليت الشيخ الميلي رحمه الله ذكر هذه الرواية هنا كما نقل الروايتين السابقتين من ((الشفا)) من الموطن نفسه، مع ما في هذه الرواية من بيان المراد بالدعاء المجمل في رواية ابن وهب.

وأما قول مالك الذي في ((المبسوط)): ((لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه و سلم يدعو، ولكن يسلم و يمضي فقد عزا ابن عبد الهادي في ((الصارم المنكي)) (ص179) هذا النص على ((المبسوط)) بلفظ أتم عن مالك، قال: ((لا أرى أن يقف الرجل عن قبر النبي صلى الله عليه و سلم يدعو ولكن يسلم على النبي صلى الله عليه و سلم وعلى أبي بكر و عمر، ثم يمضي، وقال مالك ذلك، لان هذا هو المنقول عن ابن عمر أنه كان يقول: ((السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت أو يا أبتاه، ثم ينصرف ولا يقف يدعو)) فرأى مالك ذلك من البدع)) انتهى.

وقد مالك بقوله: ((ولا يقف يدعو)) منع الزائر من الدعاء لنفسه عند قبر النبي صلى الله عليه و سلم وهذا أقر به بعض القبوريين ممن يجيز الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه و سلم بل يجيز الاستغاثة به، وهو أبو بكر الحصني الدمشقي حيث قال في كتاب ((دفع شبه من شبه وتمرد ونسب ذلك على السيد الجليل الإمام أحمد)) (ص115) [4]: ((وأما الدعاء عند القبر فقد ذكره خلق ومنهم الإمام مالك وقد نص على أنه يقف عند القبر و يقف كما يقف الحاج عند البيت للوداع و يدعو .. وقال مالك في رواية وهب بن منبه: ((إذا سلم على النبي ودعا يقف وجهه على القبر لا إلى القبلة و يدعو و يسلم ولا يمس القبر بيده)) نعم في ((المبسوطة)): ((ولا أرى انه يقف عنده و يدعو ولكن يسلم و يمضي))، وإنما ذكرت كلام ((المبسوطة))؛ لأن من حق العالم الذي يؤخذ بكرمه أن يذكر ما له وما عليه؛ لان ذلك من الدين)) انتهى كلام الحصني.

فزعم أن رواية ابن وهب له، ورواية ((المبسوط)) عليه، والحق أن كلا الروايتين عليه.

الوجه الرابع:

قول الشيخ الميلي: ((كما بيناه في الفصل الحادي عشر))، يعني به قوله في (ص153): ((ثم التبرك حيث أثبت في روايات الإثبات، فإن المقصود منه طلب الزيادة في ثواب الطاعة، قال الباجي: في ((المنتقى)) موجها إعلامه صلى الله عليه و سلم لأمته بقصة وادي السرر: ((و غنما أعلم بذلك صلى الله عليه و سلم فيما يظهر إلي-والله أعلم-لفضل الذكر عنده [5] لمن مر بها، ورجاء إجابة الدعاء، وتنزل الرحمة عندها)).

علق عليه الشيخ الميلي بقوله: ((و التبرك على هذا الوجه عندي معقول؛ لأن ذكرى الأنبياء و الصالحين ورؤية آثارهم مما يزيد الموحدين خشوعا وتعريفا بتقصيرهم في طاعة خالقهم، فتخلص بذلك عبوديتهم لله تعالى، وحينئذ تكون الإثابة على عبادتهم أسمى، وقبول دعائهم أرجى و طمعهم في تنزل الرحمة أقوى، وروايات نفي التبرك غير معارضة لروايات إثباته بهذا المعنى؛ لأن النافين إنما يقصدون الاحتياط على عقائد العامة ان تزيغ كما سبق في توجيه مخاطبة عمر رضي الله عنه للحجر الأسود، وأنه قطع الشجرة خوف الفتنة، وأنه حذرهم أن يهلكوا بتتبع الآثار هلاك أ÷ل الكتاب ...

والذي تفيده النقول في مجموعها إثباتا و نفيا و توجيها: أن التبرك مشروع مقيد بقيود:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير