تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

افرض أنك مررت بالمسجد ولم تجد أحداً يصلي، ألا تسميه مسجداً؟؟؟

وأظنك تجد تفصيل ذلك في فتح الباري، وليس الكتاب بين يدي ... والله أعلم

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[10 - 05 - 08, 04:22 م]ـ

نقد حديثي لكتاب

البيان لما يشغل الأذهان

لفضيلة الدكتور علي جمعة

كَتبه

أبو عبد الله خيري بن سعيد

قوله (ص 253): وأما فعل الصحابة فيتضح من موقف دفن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واختلافهم فيه، وهو ما حكاه الإمام مالك عندما ذكر اختلاف الصحابة في مكان دفن الحبيب صلى الله عليه وسلم، فقال: فقال ناس: يدفن عند المنبر، وقال آخرون: بدفن بالبقيع، فجاء أبو بكر الصديق فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما دفن نبي قط إلا في مكانه الذي توفي فيه)). فحفر له فيه. انتهى.

قلت: ساقه المؤلف محتجاً به، وعزاه في الحاشية لموطأ مالك، ولا أدري أجهل أم تجاهل أن مالكاً ساقه بلاغاً منقطعاً، ففي (الموطأ) (545): عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي يوم الإثنين ودفن يوم الثلاثاء، وصلى الناس عليه أفذاذا لا يؤمهم أحد، فقال ناس: يدفن عند المنبر. وقال آخرون: يدفن بالبقيع. فجاء أبو بكر الصديق ... الحديث.

فهذا معضل، وقال الإمام أبو عمر بن عبد البر في (التمهيد) (24/ 394): هذا الحديث لا أعلمه يروي على هذا النسق بوجه من بلاغ مالك هذا، ولكنه صحيح من وجوه مختلفة وأحاديث شتى جمعها مالك والله أعلم، فأما وفاته يوم الاثنين ....

ثم شرع ابن عبد البر في (التمهيد) (24/ 398 - 399) يذكر لفقراته كلها شواهد عدا فقرة الدفن عند المنبر لم يذكر لها شاهداً.

وأخرج ابن سعد في (الطبقات) (2/ 292) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال قال أبو بكر أين يدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قائل منهم: عند المنبر. وقال قائل منهم: حيث كان يصلي يؤم الناس. فقال أبو بكر: بل يدفن حيث توفى الله نفسه فأخر بالحق ثم حفر له تحته.

وهذا سند ضعيف لإرساله، وقد روى موصولاً لكن بسند ضعيف أيضاً، رواه ابن إسحاق كما في (سيرة ابن هشام) (2/ 662 - 663) و (البداية) (5/ 287) قال: حدثني حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما أرادوا أن يحفروا للنبي صلى الله عليه وسلم - الحديث وفيه: - وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه. فقال قائل: ندفنه في مسجده. وقال قائل: ندفنه مع أصحابه. فقال أبو بكر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما قبض نبي إلا دفن حيث قبض)) ... إلى آخره. وسنده ضعيف، حسين بن عبد الله ضعيف كما في (التقريب) (1326).

وتابعه من هو أوهى منه، فرواه ابن سعد في (الطبقات) (2/ 292) فقال: أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس. وهذا سند ضعيف جداً، إبراهيم بن إسماعيل ضعيف كما في (التقريب) (146)، ومحمد بن عمر هو الواقدي، متروك الحديث، فلا يصلح هذا الطريق في المتابعات ولا الشواهد.

وللواقدي فيه إسناد آخر، يرويه عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع مرسلاً، ذكره الحافظ ابن كثير في (البداية) (5/ 288). وهذا مع إرساله لا يغني شيئاً لحال الواقدي.

ولعل لظهور ضعف هذه الأحاديث ختمها الحافظ ابن كثير في (البداية) (5/ 289) بحديث البخاري عن عائشة مرفوعاً: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)). قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً.

هذا وعلى فرض صحة الأثر المذكور عن الصحابة فلا يعارض الأدلة الصحيحة الصريحة في تحريم بناء المساجد على القبور، لأن أدلة التحريم مرفوعة صراحةً، وهذا موقوف على صحابي لا يُعرف فلعله لم يبلغه التحريم خاصةً وأن أحاديث التحريم كما تقدم في بعضها كانت قبيل الوفاة بعدة أيام. وأما سكوت الصحابة هنا لا يلزم الإقرار والموافقة، لأن المقام قد لا يحتمل المناظرة في المسألة وفي الباب نصٌ يقطع الخلاف، والله أعلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير