وأحب أن أنبه أنني أعرض أقوال أهل العلم – سواء كانوا قدامى أو معاصرين - دون عزوٍ إالى مصادرها من كتبهم؛ تسهيلاً على الطالب حتى لا تمتلئ الحواشي عند العزو بأسماء المصادر والمؤلفين، واكتفيت بذكر المصادر في آخر الكتاب.
وتحريت بجهدي الصواب بفضل الله المنعم, وأودعت فيه من الدقائق ما تنير كل مبهم, وإلى الله عز وجل أرغب أن يجعلنا ممن انتفع بما علم و هدي إلى الصراط المستقيم وأُلهم.
وأرجو الله تعالى أن ينتفع به الطلبة والمشتغلين بالقرآن، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم.
ولا أنسى أن ةأنسب الفضل لأهله، وهم مشايخنا الذين تعلمنت منهم هذا العلم، وأخص بالذكر منهم
فضيلة الشيخ / إيهاب فكري – حفظه الله –
وفضيلة الشيخ/ عبد العزيز الزيات– رحمه الله -
وفضيلة الشيخ / محمد عبد الحميد عبد الله - حفظه الله -
وفضيلة الشيخ/ مجدي الباشا – حفظه الله -
وفضيلة الشيخ/ حسانين جبريل – حفظه الله –
خَادِمُ الْقُرْآنِ
مُحَمَّدُ بِنُ صَابِرِ بنِ عِمْرَا
الفصل الأول
التنبيه على بعض الأخطاء، والأمور المحرمة التي ابتدعها بعض القراء:
1 - التلقي من المصحف دون معلم:
فمن المتقرر عند أهل العلم أن من أراد معرفة كيفية الآداء والنطق الصحيح بالقرآن على الصفة التي نزل بها لابد له من التلقي، والأخذ مشافهة من أفواه المشايخ المتقنين للقراءة؛ لأن القارئ لا يمكنه معرفة كيفية الإدغام والإخفاء والتفخيم والترقيق والإمالة واللتسهيل والروم والإشمام وغير ذلك إلا بسماع الشيوخ وإسماعهم حتى يمكنه أن يحترز من اللحن والخطأ؛ فتقع القراءة على الصفة المعتبرة شرعا.
قال العلامة الصفاقسي:"إن إتقان كتاب الله وقراءته كما أنزل من عظيم الطاعات وأعلاها، وأجل القربات وأسناها، ولا يتم لك النفع بذلك إلا بعد الرياضة وتكرار اللفظ بعد التلقي من أفواه المتقنين قبلك من مشائخهم المتقنين ..... " إلى أن قال: "وقد نص على هذا الإمام المحقق أحمد القسطلاني، ونقل عن البرماوي والكرماني أن فائدة مدارسة النبي- صلى الله عليه وسلم- لجبريل القرآن كل سنة؛ تعليمه - صلى الله عليه وسلم- تجويد لفظه، وتصحيح إخراج الحروف من مخرجها، وليكون سنة في حق الأمة لتجويد التلامذة على الشيوخ قراءتهم.
فإذا علمت ذلك تبين لك أن التلقي المذكور واجب، لأنه ما لا يتم الواجب به فهو واجب، وعلى هذا فأخذ المصحف بدون معلم موقِّف لا يكفي بل لا يجوز ولو كان المصحف مضبوطًا.
وقال السيوطي – رحمه الله -: "والأمة كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن وأحكامه متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاه من الأئمة القراء المتصل سندهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم" -.
فقوله" على الصفة المتلقاه من الأئمة القراء ... الخ صريح في أنه لا يكفي الأخذ من المصحف دون التلقي من أفواه المشايخ المتقنين. وحديث ابن مسعود – رضي الله عنه – وقراءة الرجل وتصحيحه لقراءته عندما قصر المد المنفصل الواجب المجمع عليه عند أهل الأداء قاطبة دليل شاهد على ما تقدم ولو كان الأخذ من المصاحف كافيًا لكان مقتضى الرسم العثماني صحيحًا في القراءة في كل موضع، والأمر ليس كذلك بل قد يخل بها في موضع خالف فيها خط المصحف أصول الرسم العربي خللاً بينًا فإن بعض فواتح السور كتبت برسم الحرف لا بهيأت النطق بها وإلا فقل لي بربك كيف يتوصل القارئ إلى قراءة
(كهيعص) و (حم) و (عسق) و (طس) وغيرها .. فالذي يعلم العربية والهجاء ولكنه لا يتلقى على غيره كيفية القراءة والأداء قد يقرؤها على غي وجهها الصحيح إذ النطق بها صحيحة يتوقف على التلقي والسماع من قرَّاء القرآن وحفاظه المشتغلون به فلو كانت جميع ألفظه مكتوبة طبق النطق بها لتجرأ الكثيرون على قراءته بغير رواية، وحينئذ يفوتهم معرفة ما فيه من طرق الأداء من مد وتحقيق وإمالة وإظهار وإدغام وإخفاء إلى غير ذلك من طرق أهل الأداء.
¥