[الرد على مدعى النبوة]
ـ[محمد بن حجاج]ــــــــ[09 - 05 - 08, 09:44 م]ـ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات إعمالنا, من يهدى الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادى له ,ونشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد إن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
(يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون).
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا).
(يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا, يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
إما بعد:
فإن اصدق الحديث كتاب الله, وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة, وكل ضلالةٍ في النار.
فقد أخبر تعالى في كتابه، ورسوله في السنة المتواترة عنه: أنه لا نبي بعده؛ ليعلموا أن كل مَنِ ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك، دجال ضال مضل، ولو تخرق وشعبذ، وأتى بأنواع السحر والطلاسم والنَيرجيَّات، فكلها محال وضلال عند أولي الألباب، كما أجرى الله، سبحانه وتعالى، على يد الأسود العَنْسي باليمن، ومسيلمة الكذاب باليمامة، من الأحوال الفاسدة والأقوال الباردة، ما علم كل ذي لب وفهم وحِجى أنهما كاذبان ضالان، لعنهما الله. وكذلك كل مدع لذلك إلى يوم القيامة حتى يختموا بالمسيح الدجال، [فكل واحد من هؤلاء الكذابين] يخلق الله معه من الأمور ما يشهد العلماء والمؤمنون بكذب مَنْ جاء بها. وهذا من تمام لطف الله تعالى بخلقه، فإنهم بضرورة الواقع لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر إلا على سبيل الاتفاق، أو لما لهم فيه من المقاصد إلى غيره، ويكون في غاية الإفك والفجور في أقوالهم وأفعالهم، كما قال تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنزلُ الشَّيَاطِينُ * تَنزلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} الآية [الشعراء:221، 222]. وهذا بخلاف الأنبياء، عليهم السلام، فإنهم في غاية البر والصدق والرشد والاستقامة [والعدل] فيما يقولونه ويفعلونه ويأمرون به وينهون عنه، مع ما يؤيدون به من الخوارق للعادات، والأدلة الواضحات، والبراهين الباهرات، فصلوات الله وسلامه عليهم دائما مستمرا ما دامت الأرض والسموات.
قال تعالى:
{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} (79) سورة آل عمران
قال بن كثير:
أي: ما ينبغي لبشر آتاه الله الكتاب والحُكْم والنبوة أن يقول للناس: اعبدوني من دون الله. أي: مع الله، فإذا كان هذا لا يصلح لنبي ولا لمرسل، فلأن لا يصلح لأحد من الناس غيرهم بطريق الأولى والأحرى؛ ولهذا قال الحسن البصري: لا ينبغي هذا لمؤمن أن يأمر الناس بعبادته.
كونوا رَبَّانيين. قال ابن عباس وأبو رَزِين وغير واحد، أي: حكماء علماء حلماء. وقال الحسن وغير واحد: فقهاء، وكذا رُوِي عن ابن عباس، وسعيد بن جُبير، وقتادة، وعطاء الخراساني،
وعطية العوفي، والربيع بن أنس. وعن الحسن أيضا: يعني أهل عبادة وأهل تقوى.
قال تعالى:
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} (93) سورة الأنعام
قال بن كثير:
يقول تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} أي: لا أحد أظلم ممن كذب على الله، فادعى أن الله أرسله إلى الناس ولم يكن أرسله؛ ولهذا قال تعالى: {أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ}
وقال السعدى رحمه الله:
¥