تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا كلام العلامة ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد يقول: إذا كان الحوض بهذه السعة طوله شهر مسافته شهر فهذا يدل على أنه يمتد وأنه طويل وأنه يكون ما وراء الجسر وأن الناس يردونه مرة قبل الصراط ومرة بعد المرور على الصراط، وجمع بعض أهل العلم فقال: إن للنبي صلى الله عليه وسلم حوضين: أحدهما في الموقف قبل الصراط والآخر داخل الجنة وهو الكوثر وكل منهما يسمى كوثرا، ولكن هذا لا يصلح جوابا عن حديث النضر؛ لأنه صرح أنه يوم القيامة وأجاب الحافظ ابن حجر -رحمه الله- عن هذا الجواب قال: وفيه نظر؛ لأن الكوثر نهر داخل الجنة وماؤه يصب في الحوض ويطلق على الحوض كوثرا لكونه يمد من نهر الكوثر.

وقال الحافظ أيضا: ظاهر الأحاديث أن الحوض بجانب الجنة لينصب فيه الماء من النهر الذي داخلها وهذا يدل على أن الحوض بعد الصراط؛ إذ لو كان قبل الصراط لحالت النار بينه وبين الماء الذي يصب من الكوثر فيه.

وأجاب الحافظ عن الأحاديث التي تدل على منع المرتدين على أعقابهم قال: وأما ما أورد عليه من أن جماعة يدفعون من الحوض بعد أن يروه ويذهب بهم إلى النار، فجوابه أنهم يقربون من الحوض بحيث يرونه ويرون الجنة فيدفعون في النار قبل أن يخلصوا من بقية الصراط، ولكن هذا تأويل بعيد.

وأجاب السيوطي عن إشكال يرد على القول أن الحوض يورد بعد الصراط قال: فإذا قيل: إذا خلصوا من الموقف دخلوا الجنة فلا يحتاجون إلى الشرب من الحوض، فالجواب بل هم محتاجون إلى ذلك؛ لأنهم محبوسون هناك لأجل المظالم فكان الشرب في موقف القصاص يعني: يكون الشرب على ما ذكر السيوطي بعد المرور على الصراط؛ لأنه ثبت أن المؤمنين إذا تجاوزوا الصراط حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار قيل: إنها طرف الصراط وقيل: إن الصراط خاص بالمؤمنين حتى يقتص بعضهم من البعض من الآخر المظالم التي بينهم، فإذا هذبوا ونقوا دخلوا الجنة.

قال السيوطي -رحمه الله-: يكون في هذا المكان يكون هو الحوض في هذا المكان، ولكن هذا أيضا بعيد؛ لأن هذا التأويل يرده الأحاديث الكثيرة التي صرحت بأنه يزاد عن الحوض أقوام قد ارتدوا على أعقابهم، وهذا يدل على أن الحوض في موقف الحساب لا في موقف قصاص المؤمنين بعضهم من بعض، وجمع بعض العلماء بين الأحاديث بجمع آخر وهو أنه يقع الشرب من الحوض قبل الصراط لقوم ويتأخر الشرب بعد الصراط لآخرين بحسب ما عليهم من الذنوب والأوزار حتى يهذبوا منها على الصراط، قال بعض أهل العلم: وهو جمع حسن القول، وعلى هذا الجمع يكون هناك حوضان حوض قبل الصراط وحوض بعده أو أن الحوض نفسه يمتد إلى ما وراء الجسر كما سبق هذا في الجواب عن حديث النضر.

هذه أقوال العلماء في الحوض هل قبل الصراط أو بعد الصراط ولكن يعني: الحافظ ابن حجر يقول: إنه الصراط وابن القيم -رحمه الله- يقول: لا مانع إذا صح الحديث يكون من وراء الجسر وبعض العلماء يقول: الناس محتاجون إلى أن يشربوا أيضا بعد الجسر.

لكن سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز -غفر الله له ورحمه وجمعنا به في الفردوس الأعلى- تنبه لأمر لم يتنبه له هؤلاء العلماء الذين قالوا إن الحوض قبل الصراط قال سماحة شيخنا -رحمه الله-: إن صحت الأخبار أنهم يردون بعد الصراط فهذا نهر يردونه في الجنة؛ لأن الصراط ممدود على متن جهنم يصعد الناس عليه إلى الجنة، فمن جاوز الصراط وصل إلى الجنة، والحوض في الأرض فلا يرجعون إلى الأرض مرة ثانية بعد صعودهم إلى الجنة يعني: كيف يكون الحوض بعد الصراط؟ الصراط ممدود على متن جهنم صعود يصعد الناس فيه من الأرض إلى السماء فإذا انتهوا وصلوا إلى الجنة ما فيه حوض هناك كيف وأين يكون الحوض؟ الحوض في موقف القيامة قبل الصراط قبل المرور على الصراط وهذا هو الذي تدل عليه الأحاديث وتدل على أنه، ويدل على ذلك أنه يذاد أقوام قد غيروا وبدلوا هذا يكون في موقف القيامة أما بعد المرور على الصراط انتهى الأمر، من سقط في النار سقط في النار، ومن تجاوز الصراط وصل إلى الجنة.

لكن السيوطي يقول: يكون في مكان قبل دخولهم الجنة لكن هذا بعيد والصواب الذي تدل عليه النصوص أن الحوض يكون قبل الصراط هذا هو الذي تدل عليه الأحاديث الصحيحة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير