تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد بيَّن العلماء أن تعظيم القبور والغلو في أصحابها من أعظم أسباب الوقوع في الشرك وعبادة الأصنام، قال الفخر الرازي (606 هـ) في تفسيره (17/ 60) عند قوله تعالى في سورة يونس:] وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ [قال: «ونظيره في هذا الزمان اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر؛ على اعتقاد أنهم إذا عظَّموا قبورهم فإنهم يكونون شفعاء لهم عند الله»، قال ذلك مشبها ما يحصل من كثير من الناس من تعظيم القبور وطلب الشفاعة من أصحابها بما حصل من عباد الأصنام في تعظيمها وعبادتها لتشفع لهم عند الله.

وقال في تفسير سورة سبأ (25/ 254): «واعلم أن المذاهب المفضية إلى الشرك أربعة»، قال في آخرها: «قول من قال: إنا نعبد الأصنام التي هي صور الملائكة ليشفعوا لنا، فقال تعالى في إبطال قولهم:] وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [، فلا فائدة لعبادتكم غير الله؛ فإن الله لا يأذن في الشفاعة لمن يعبد غيره، فبطلبكم الشفاعة تفوِّتون على أنفسكم الشفاعة».

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ) في مجموع الفتاوى (27/ 79): «وكان العكوف على القبور والتمسح بها وتقبيلها والدعاء عندها وفيها ونحو ذلك هو أصل الشرك وعبادة الأوثان، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد»، واتفق العلماء على أن من زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو قبر غيره من الأنبياء والصالحين - الصحابة وأهل البيت وغيرهم - أنه لا يتمسح به ولا يقبِّله، بل ليس في الدنيا من الجمادات ما يشرع تقبيلها إلا الحجر الأسود، وقد ثبت في الصحيحين أن عمر رضي الله عنه قال: «والله! إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّلك ما قبَّلتك»، ولهذا لا يسن باتفاق الأئمة أن يقبل الرجل أو يستلم ركني البيت اللذين يليان الحجر ولا جدران البيت ولا مقام إبراهيم ولا صخرة بيت المقدس ولا قبر أحد من الأنبياء والصالحين».

والحديث الذي ذكره شيخ الإسلام في أول كلامه أخرجه أحمد (7358) وغيره بإسناد صحيح، وانظر تحذير الساجد للشيخ الألباني (ص: 25).

وقال ابن القيم رحمه الله (751 هـ) في كتابه إعلام الموقعين (3/ 151) في الوجوه التسعة والتسعين التي أوردها في سد الذرائع قال: «الوجه الثالث عشر: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بناء المساجد على القبور ولعَن من فعل ذلك، ونهى عن تجصيص القبور وتشريفها واتخاذها مساجد، وعن الصلاة إليها وعندها، وعن إيقاد المصابيح عليها، وأمر بتسويتها، ونهى عن اتخاذها عيداً، وعن شد الرحال إليها؛ لئلا يكون ذلك ذريعة إلى اتخاذها أوثاناً والإشراك بها، وحرم ذلك على مَن قصده ومن لم يقصده، بل قصد خلافه سداً للذريعة»، وقال ابن كثير رحمه الله (774هـ) في البداية والنهاية (14/ 171) في حوادث سنة (208 هـ) عند ذكره ترجمة السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد الهاشمية، قال: «وأصل عبادة الأصنام من المغالاة في القبور وأصحابها، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتسوية القبور وطمسها، والمغالاة في البشر حرام».

ومن أبواب كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله (1206هـ): «باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جَناب التوحيد وسدِّه كل طريق يوصل إلى الشرك»، و «باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيِّرها أوثاناً تُعبد من دون الله»، و «باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين»، و «باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده؟!»، وقد أورد رحمه الله آيات وأحاديث وآثاراً في ذلك كما هي طريقته رحمه الله في هذا الكتاب، وهذا الكتاب من أحسن ما أُلّف في بيان توحيد الألوهية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير