تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من مغبة الكتمان، فيبذلوا للعباد أعظم النصح وينفعوهم بأعظم النفع، وقد قال الله عز وجل:] وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ [[آل عمران: 187]، وقال:] إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [[البقرة: 159 ـ 160].

وإنَّ المسؤولية العظيمة والتبعة الجسيمة تقع على وجه أشد وأعظم على العلماء والدعاة في البلاد الإسلامية، التي ابتلي أهلها بتعظيم القبور والافتتان بها والبناء عليها واتخاذها مساجد؛ لأن هذه الأعمال من أعظم الوسائل المؤدية إلى الشرك الذي هو دعاء أصحاب القبور والاستغاثة بهم وسؤالهم قضاء الحاجات وكشف الكربات، وهذا من صرف حق الله إلى غير الله، وقد قال الله عز وجل:] أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ [[النمل: 62]، وقال:] وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [[الجن: 18].

فواجب الجميع الإيضاح والبيان لتوحيد العبادة والتحذير من الشرك والوسائل المؤدية إليه، وقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (177).

ولا يجوز التشاغل عن بيان توحيد الألوهية والدعوة إليه والتحذير من الشرك ووسائله بتقرير توحيد الربوبية؛ لأن هذا النوع من التوحيد قد أقرَّ به الكفار الذين بُعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدخلهم في الإسلام، وإنما أنكروا توحيد الألوهية، فقالوا:] أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [، فتُبيَّن أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، وتكون العناية أشد وأعظم ببيان توحيد الألوهية والتحذير من ضده وهو الشرك بالله، وهو وظيفة الرسل ومن سار على نهجهم، فلا يجوز لمن رزقه الله علماً وفهماً أن يسكت على ما يراه في بلاده من الافتتان بالقبور والتمسح بها أو العكوف عندها أو الطواف بها أو دعاء أهلها والاستغاثة بهم، بل الواجب عليه أن يُبيِّن لهم توحيد الألوهية ويحذّرهم من الشرك ووسائله، وبذلك يكون هادياً مهدياً مستفيداً مفيداً، يظفر بثواب أعماله الصالحة وبمثل أجور كل من اهتدى بسبب دعوته وتوجيهه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن دعا إلى هُدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً» رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (6804).

وأسأل الله عز وجل أن يوفق العلماء في كل مكان للقيام بما أوجبه الله عليهم من النصح والبيان، وأن يوفق المدعوين للاستفادة من نصح الناصحين والأخذ بما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة؛ إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

المصدر ( http://www.rayatalislah.com/Tawhid/articles/ahemmiyet-tawhid-el-ibadeh.htm)

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير