تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[آثار صفة الرحمة]

ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[17 - 05 - 08, 12:29 م]ـ

[آثار صفة الرحمة]

* بقلم / ماجد بن أحمد الصغير

الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا ينفع ذا الجد منه الجد. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.

أما بعد:

فإن من عرف ربه سبحانه وتعالى بالرحمة الواسعة لابد أن يحصل له عدد من الخيرات والثمرات والآثار ...

ومن تلك الآثار:

أنه على قدر حظ الإنسان من هذا الخلق الكريم ترتفع درجته عند الله؛ ولهذا كان الأنبياء عليهم السلام أرحم الناس، وكان خاتمهم وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم أوفرهم نصيباً من هذا الخلق حتى كانت رسالته رحمة للعالمين قال الله سبحانه (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، (فبما رحمة من الله لنت وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ). وقد لازم هذا الخلق في أشد الأوقات، فلما آذاه أهل مكة وكذبوه وأخرجه أهل الطائف ورموه بالحجارة؛ خرج كسير النفس، مجروح الفؤاد يتلمس الفرج، جاءه ملك الجبال وعرض عليه إهلاكهم فقال صلى الله عليه وسلم: ((بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا)). [1]

رحمة لم تعرف البشرية نظيراً لها. والمؤمن الصادق له نصيب من هذه الصفة على قدر حبه لنبيه صلى الله عليه وسلم واتباعه له وأولى الناس بالرحمة الوالدين خاصة عند الكبر: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً)، ثم ضعفاء المسلمين أيتاماً وأرامل، فرحمة هؤلاء باب من أوسع الأبواب التي تنال بها رحمة الله. وإذا كانت امرأة بغي دخلت الجنة في كلب سقته شربة ماء فكيف بالإنسان المؤمن الكريم على الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (غفر لامرأة مومسة مرت بكلب على رأس ركي يلهث قال كاد يقتله العطش فنزعت خفها فأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء فغفر لها بذلك) [2]. لقد كان صلى الله عليه وسلم رحيم القلب يرق للضعفاء ويرحم حتى الدواب والحيوانات ويوصي بها، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: (إني لأرحم الشاة أن أذبحها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إن رحمتها رحمك الله). [3]

ومن الآثار:

أن الرحمة تفتح أبواب الرجاء والأمل، وتثير مكنون الفطرة، وتبعث على صالح العمل، وتغلق أبواب الخوف واليأس، وتشعر المؤمن بالأمن والأمان؛ لأنه سبحانه الرحيم الذي سبقت رحمته غضبه، ولم يجعل في الدنيا إلا جزءاً يسيراً من واسع رحمته يتراحم به الناس ويتعاطفون، وبه ترفع الدابة حافرها عن ولدها رحمة وخشية أن تصيبه [4].

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (جَعَلَ الله الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ) [5]. وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الْجَنَّةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ) [6].

ومن الآثار:

الرحمة بالمخطئين والمذنبين بالأخذ بأيديهم إلى طريق الله بالموعظة الحسنة باللطف لا بالعنف والتعامل معهم على أنهم غرقى محتاجون من ينتشلهم فلا يتركهم يتعرضون لعذاب الله. ومن ثَّمّ النظر إليهم بعين الرحمة لا الشدة والنقمة، ومعاملتهم معاملة الرُحماء لا معاملة أهل الكبر والازدراء والخيلاء.

ومن الآثار:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير