[مذهب المعتزلة في أسماء الله الحسنى، والرد عليهم.]
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[17 - 05 - 08, 12:48 م]ـ
[مذهب المعتزلة في أسماء الله الحسنى، والرد عليهم.]
بقلم: تميم بن عبد العزيز القاضي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
ذهبت المعتزلة إلى القول بإثبات الأسماء لله ونفي الصفات، وقد وافقهم على هذه البدعة الخوارج، وكثير من المرجئة، وبعض الزيدية [1].
قال ابن المرتضي المعتزلي: «فقد فقد أجمعت المعتزلة على أن للعالم محدِثاً قديما قادراً لا لِمَعانٍ ... » [2]، فهم-وإن أطلقوا القول بأن الله تعالى عالم قادر-إلا أنهم يرون أنه عالم لا بعلم، وقادر لا بقدرة، بل يُرجِعون العلم والقدرة إلى الذات، فلا يثبتون لذلك العلم والقدرة معنى غير الذات [3].
أما إثباتهم للأسماء، فلأنهم استعظموا نفيها؛ لما فيه من تكذيب القرآن تكذيباً ظاهر الخروج عن العقل والتناقض فإنه لا بد من التمييز بين الرب وغيره بالقلب واللسان، فما لا يميز من غيره لا حقيقة له ولا إثبات [4].
وأما نفيهم للصفات فلشبهٍ عامة وخاصة، كشبهة التركيب، والأعراض، ودليل الكمال والنقصان، وغيرها مما سيأتي بإذن الله بيانه والرد عليه، واكتفيت في هذا المقام بذكر الرد على قولهم بخلق الأسماء الحسنى.
بيان مسلكي المعتزلة في إثباتهم للأسماء الحسنى:
للمعتزلة في ذكر مذهبهم في الأسماء عدة مسالك، ومن أبرزها ما يلي:
1 - فمنهم من يجعل الأسماء-كالعليم القدير والسميع والبصير -كالأعلام المحضة المترادفة، والعَلَم المحض هو الذي لا يدل إلا على العلمية، ولا يدل على الوصفية في شيء، كما لو سمي البليد حافظاً ونابهاً، وكما لو سمي البخيل كريماً، فجردوا أسماء الله عما تضمنته من المعاني والصفات.
2 - ومنهم من يقول: إنه عليم بلا علم، قدير بلا قدرة، سميع بلا سمع بصير بلا بصر، والفرق بين هؤلاء ومن قبلهم أن هؤلاء لم يطلقوا اسم الله تعالى إلا مقروناً بالتصريح بنفي ما تضمنه الاسم من الصفة، أما الأولون فليسوا كذلك، وإن كان الجميع متفقين على نفي الصفة، وإنما الخلاف بينهم في التعبير فقط، وسيأتي تفصيل ذلك في مباحث صفات الله [5].
وهذه المقالة-في الجملة- قد أخذها المعتزلة عن قوم من متقدمي الفلاسفة والصابئة والزنادقة [6].
قال أبو الحسن الأشعري-بعد أن بين مذهب المعتزلة في الأسماء والصفات-: «وهذا قولٌ أخذوه عن إخوانهم من المتفلسفة، الذين يزعمون أن للعالم صانعاً لم يزل ليس بعالم، ولا قادر، ولا حيٍّ، ولا سميعٍ، ولا بصيٍر، ولا قديم، وعبروا عنه بان قالوا: نقول عين لم يزل، ولم يزيدوا على ذلك، غير أن هؤلاء الذين وصفنا قولهم من المعتزلة في الصفات لم يستطيعوا أن يظهروا من ذلك ما كانت الفلاسفة تظهره، فأظهروا معناه بنفيهم أن يكون للباري علم وقدرة وحياة وسمع وبصر، ولولا الخوف لأظهروا ما كانت الفلاسفة تظهره من ذلك، ولأفصحوا به غير، أن خوف السيف يمنعهم من إظهار ذلك، وقد افصح بذلك رجل يعرف بابن الأيادي، كان ينتحل قولهم، فزعم أن البارىء سبحانه عالم قادر سميع بصير في المجاز لا في الحقيقة» [7].
بيان أوجه ضلالهم:
وعندما يقال إن المعتزلة يثبتون أسماء الله، فإن هذا لا يعني موافقتهم أهل السنة في مسألة الأسماء، بل لهم في ذلك عدة ضلالات، ومنها:
1 - أنهم لم يثبتوا كل الأسماء الحسنى، فإثباتهم لها كان (في الجملة) كما عبَّر عن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية [8]، ذلك أن من عقائد المعتزلة عدم اعتبار أخبار الآحاد في العقائد، فهذه الأخبار لا تفيد اليقين عندهم، ومن المعلوم أن عدداً من الأسماء الحسنى إنما ثبتت بأحاديث آحاد،، ولذا لا ترى في كتب المعتزلة الاستطراد في تعداد الأسماء الحسنى كما ترى ذلك عند أهل السنة وغيرهم كالأشاعرة والماتريدية، بل إن من المعتزلة من ينكر بعض ما ورد به القران من أسماء الله تعالى، كإنكار بعض المعتزلة اسم الله الوكيل [9]، ولهذا تفصيل ليس هذا موضعه.
2 - أنهم لم يثبتوا ما تضمنته تلك الأسماء من صفات ومعاني، بل رأوا أنها أسماء جامدة، وأعلام محضة، كما تقدم.
¥