تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويعتبر هذا مما تميّز به الصحابة (رضي الله عنهم)؛ لأن المشاهدة لا يمكن

أن تتأتّى لغيرهم؛ ولذا: فإن الأصل أن ما ورد من هذا الباب فإن مَحَلّهُ القبول بلا

خلاف.

ويدخل فيما يتعلق بالمشاهدة ما يلي:

1 - أسباب النزول:

لقد سبق الحديث عن أن مشاهدتهم لأسباب النزول كانت من أهم أسباب

رجوع من جاء بعدهم إلى تفسيرهم، والاعتماد عليه في فهم الآية.

والمراد بسبب النزول: ما كان صريحاً في السببية، ويظهر ذلك من خلال

النصّ المروي في السبب؛ كأن يقول الصحابي: كان كذا وكذا فنزلت الآية، أو

يقع سؤال فينزل جوابه، أو غيرها مما يمكن معرفته من خلال النص بقرائن تدل

على السببية الصريحة.

2 - معرفة أحوال من نزل فيهم القرآن:

إن معرفة هذه الأحوال تفيد في درايتهم بقصة الآية، الذي هو أشبه بسبب

النزول، بحيث لو فقدت هذه المعرفة لوقع الخطأ في فهم المراد بالآية، كما وقع

لعروة بن الزبير (رضي الله عنه) في فهم قوله (تعالى):] إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن

شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أََن يَطَّوَّفَ بِهِمَا .. [[البقرة: 158].

قال عروة: (قلت لعائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا يومئذ

حديث السّن أرأيتِ قول الله (تبارك وتعالى):] إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أََوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أََن يَطَّوَّفَ بِهِمَا .. [[البقرة: 158] فما

أرى على أحدٍ شيئاً ألا يطّوف بهما.

فقالت عائشة: كَلاّ، لو كانت كما تقول كانت: (فلا جناح عليه أن لا يطوّف

بهما)، إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار: كانوا يُهِلّون لمناة وكانت مناة حَذْوَ قُدَيدٍ

وكانوا يتحرّجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله

-صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فأنزل الله:] إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أََوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أََن يَطَّوَّفَ بِهِمَا .. [[البقرة: 158]) [2].

ويلحظ من هذا المثال: أن سبب النزول قد يكون من أجل حالٍ من أحوال من

نزل فيهم الخطاب من العرب أو اليهود، وبهذا يكون المثال صالحاً للتمثيل به في

الأمرين.

ومما نزل بسبب حال من أحوال اليهود، ما روى جابر (رضي الله عنه) قال: (كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت:] نساؤُكُمْ

حَرْثٌ لَّكُمْ فَاًتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ .. [[البقرة: 223] [3].

تنبيه:

للصحابة فيما يتعلق بالمشاهدة حالتان:

الأولى: أن يكون الصحابي ممن حضر سبب النزول، أو عايش الأحوال

التي نزل بشأنها القرآن، وهذا هو الذي ينطبق عليه الحديث هنا.

الثانية: أن يكون سمعه من صحابي آخر، وبهذا فإنه يدخل في القسم الذي

بعده.

الثاني: ما يتعلق بالسماع:

يشمل هذا القسم كل الروايات التي يرويها الصحابي عن غيره، ويدخل في

هذا القسم ما يلي:

1 - الرواية عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-:

والمراد به: ما يروونه من التفسير النبوي الصريح، وقد يقع تفسيره جواباً

لأسئلتهم، أو أن يفسّر لهم ابتداءً.

* ومن الأول: ما رواه مسلم في تفسير قوله (تعالى):] .. لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ

عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ .. [[التوبة: 108] عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: (مرّ بي عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري قال: قلت له: كيف سمعت أباك يذكر

المسجد الذي أسس على التقوى؟.

قال: قال أبي: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيت

بعض نسائه، فقلت: يا رسول الله، أيّ المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال:

فأخذ كفّاً من حصباء فضرب به الأرض، ثم قال: هو مسجدكم هذا، لِمسجد

المدينة.

قال: فقلت: أشهد أني سمعت أباك هكذا يذكره) [4].

* ومن الثاني: ما رواه البخاري عن أبي ذرّ، قال: (كنت مع النبي -صلى

الله عليه وسلم- في المسجد عند غروب الشمس، فقال: يا أبا ذر، أتدري أين

تغيب الشمس؟.

قلت: الله ورسوله أعلم.

قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فذلك قوله (تعالى):

] وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ [) [5].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير