تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

: {لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة}. وكل من عرف سير الناس وملوكهم رأى كل من كان أنصر لدين الإسلام وأعظم جهادا لأعدائه وأقوم بطاعة الله ورسوله: أعظم نصرة وطاعة وحرمة: من عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإلى الآن. وقد أخذ المسلمون منهم كنائس كثيرة من أرض العنوة بعد أن أقروا عليها في خلافة عمر بن عبد العزيز وغيره من الخلفاء وليس في المسلمين من أنكر ذلك. فعلم أن هدم كنائس العنوة جائز؛ إذا لم يكن فيه ضرر على المسلمين. فإعراض من أعرض عنهم كان لقلة المسلمين ونحو ذلك من الأسباب كما أعرض النبي صلى الله عليه وسلم عن إجلاء اليهود حتى أجلاهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وليس لأحد من أهل الذمة أن يكاتبوا أهل دينهم من أهل الحرب ولا يخبروهم بشيء من أخبار المسلمين ولا يطلب من رسولهم أن يكلف ولي أمر المسلمين ما فيه ضرر على المسلمين ومن فعل ذلك منهم وجبت عقوبته باتفاق المسلمين وفي أحد القولين يكون قد نقض عهده وحل دمه وماله. ومن قال إن المسلمين يحصل لهم ضرر إن لم يجابوا إلى ذلك لم يكن عارفا بحقيقة الحال؛ فإن المسلمين قد فتحوا ساحل الشام وكان ذلك أعظم المصائب عليهم وقد ألزموهم بلبس الغيار وكان ذلك من أعظم المصائب عليهم؛ بل التتار في بلادهم خربوا جميع كنائسهم وكان نوروز رحمه الله تعالى قد ألزموهم بلبس الغيار وضرب الجزية والصغار. . . فكان ذلك من أعظم المصائب عليهم ومع هذا لم يدخل على المسلمين بذلك إلا كل خير؛ فإن المسلمين مستغنون عنهم وهم إلى ما في بلاد المسلمين أحوج من المسلمين إلى ما في بلادهم؛ بل مصلحة دينهم ودنياهم لا تقوم إلا بما في بلاد المسلمين والمسلمون ولله الحمد والمنة أغنياء عنهم في دينهم ودنياهم. فأما نصارى الأندلس فهم لا يتركون المسلمين في بلادهم لحاجتهم إليهم وإنما يتركونهم خوفا من التتار. فإن المسلمين عند التتار أعز من النصارى وأكرم ولو قدر أنهم قادرون على من عندهم من المسلمين فالمسلمون أقدر على من عندهم من النصارى. والنصارى الذين في ذمة المسلمين فيهم من البتاركة وغيرهم من علماء النصارى ورهبانهم ممن يحتاج إليهم أولئك النصارى وليس عند النصارى مسلم يحتاج إليه المسلمون ولله الحمد مع أن فكاك الأسارى من أعظم الواجبات وبذل المال الموقوف وغيره في ذلك من أعظم القربات وكل مسلم يعلم أنهم لا يتجرون إلى بلاد المسلمين إلا لأغراضهم؛ لا لنفع المسلمين ولو منعهم ملوكهم من ذلك لكان حرصهم على المال يمنعهم من الطاعة فإنهم أرغب الناس في المال ولهذا يتقامرون في الكنائس. وهم طوائف مختلفون وكل طائفة تضاد الأخرى. ولا يشير على ولي أمر المسلمين بما فيه إظهار شعائرهم في بلاد الإسلام أو تقوية أمرهم - بوجه من الوجوه - إلا رجل منافق يظهر الإسلام وهو منهم في الباطن أو رجل له غرض فاسد مثل أن يكونوا برطلوه ودخلوا عليه برغبة أو رهبة أو رجل جاهل في غاية الجهل لا يعرف السياسة الشرعية الإلهية التي تنصر سلطان المسلمين على أعدائه وأعداء الدين؛ وإلا فمن كان عارفا ناصحا له أشار عليه بما يوجب نصره وثباته وتأييده واجتماع قلوب المسلمين عليه ومحبتهم له ودعاء الناس له في مشارق الأرض ومغاربها. وهذا كله إنما يكون بإعزاز دين الله وإظهار كلمة الله وإذلال أعداء الله تعالى. وليعتبر المعتبر بسيرة نور الدين وصلاح الدين ثم العادل؛ كيف مكنهم الله وأيدهم وفتح لهم البلاد وأذل لهم الأعداء؛ لما قاموا من ذلك بما قاموا به. وليعتبر بسيرة من والى النصارى كيف أذله الله تعالى وكبته. وليس المسلمون محتاجين إليهم ولله الحمد. فقد كتب خالد بن الوليد - رضي الله عنه - إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: " إن بالشام كاتبا نصرانيا لا يقوم خراج الشام إلا به " فكتب إليه: " لا تستعمله ". فكتب: " إنه لا غنى بنا عنه " فكتب إليه عمر " لا تستعمله " فكتب إليه " إذا لم نوله ضاع المال " فكتب إليه عمر - رضي الله عنه - " مات النصراني والسلام ". وثبت في الصحيح {عن النبي صلى الله عليه وسلم أن مشركا لحقه ليقاتل معه فقال له: إني لا أستعين بمشرك} وكما أن استخدام الجند المجاهدين إنما يصلح إذا كانوا مسلمين مؤمنين: فكذلك الذين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير