تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

* وأمَّا الحنابلة، فقد روى الخلال في كتاب «أحكام أهل الملل» تحت «باب الحكم فيما أحْدَثَتْهُ النصارى مما لم يُصَالَحُوا عليه» عن عبد الله بن الإمام أحمد قال: سمعتُ أبي يقول: «ليس لليهود ولا للنصارى أن يُحْدِثُوا في مِصْرٍ مَصَّرَهُ المسلمونَ بَيْعَةً ولاَ كَنِيسَةً، ولا يَضْربُوا فيه بِنَاقُوسٍ ... ».

وقال الإمام أحمد رحمه الله: «وإذا كانت الكنائس صُلْحاً تُرِكُوا على ما صالحوا عليه، فأمَّا العنوة فَلاَ، وليس لهم أن يُحْدِثُوا بيعة ولا كنيسة لم تكن، ولا يضربوا ناقوساً، ولا يرفعوا صليباً، ولا يظهروا خنزيراً، ولا يرفعوا ناراً، ولا شيئاً مما يجوز لهم فعله في دينهم، يُمْنَعُونَ مِن ذلك ولاَ يُتْرَكُونَ. قلتُ: للمسلمين أن يمنعوهم من ذلك؟ قال: نعم على الإمام منعهم من ذلك».

وقال: «الإسلام يَعْلُو ولاَ يُعْلَى».

وقال ابن قدامة: «ويمنعونَ [يعني أهل الذمة] مِن إحداث البيع والكنائس والصوامع في بلادِ المسلمين».

وذكرَ في «المغني» أنَّ ما مصَّره المسلمون وما فتوح عنوة فلا يجوز فيه إحداث كنيسة ولا بيعة ولا مجتمع لصلاتهم.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وما أُحدِثَ بعد ذلك فإنه تَجِبُ إزالَتُهُ، ولاَ يُمَكَّنُونَ مِن إحداثِ البِيَع والكنائس كما شَرَطَ عليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الشروط المشهورة عنه: أن لا يُجَدِّدُوا في مدائن الإسلام ولا فيما حولها كنيسةً، ولا صومعةً ولا دَيْراً ... وهذا مذهب الأئمة الأربعة في الأمصار ومذهب جمهورهم في القرى وما زال مَن يُوَفِّقهُ الله مِن وُلاةِ أُمور المسلمين ينفذ ذلك ويعمل به، مثل عمر بن عبد العزيز الذي اتفق المسلمون على أنه إمام هُدَى، فروى الإمام أحمد عنه أنه كَتَبَ إلى نائِبهِ على اليمن أن يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين فَهَدَمَهَا بصنعاء وغيرها , وكذلك هارون الرشيد في خلافته أمرَ بهدم ما كان في سواد بغداد، وكذلك المتوكل لمَّا أَلْزَمَ أهل الكتاب بشروط عمر استفتى علماء وقته في هدم الكنائس والبِيَع فأجابوه فبعث بأجوبتهم إلى الإمام أحمد فأجابه بهدم كنائس سواد العراق وذكرَ الآثارَ عن الصحابة والتابعين ..

وملخَّصُ الجواب: أن كُلَّ كَنِيسَةٍ في مِصر والقاهرة والكوفة والبصرة وواسط وبغداد ونحوها من الأمصار التي مَصَّرها المسلمون بأرض العنوة فإنه يجب إزالتها: إما بالهدم، أو غيره، بحيث لا يبقى لهم مَعْبَدٌ في مِصْرٍ مَصَّرَهُ المسلمون بأرض العنوة، وسواءٌ كانت تلك المعابد قديمة قبل الفتح أو محدثة لأن القديم منها يجوزُ أخذه، ويَجِبُ عندَ المَفْسَدَةِ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تجتَمِعَ قِبلَتَان بأرضٍ، فلا يجوز للمسلمين أن يُمَكِّنُوا أن يكون بمدائن الإسلام قبلتان إلا لضرورة كالعهد القديم. لا سيما وهذه الكنائس التي بهذه الأمصار محدثة يظهر حدوثها بدلائل متعددة والمحدث يهدم باتفاق الأئمة ... ».

ثم قال: «فالواجب على ولي الأمر فعل ما أمر الله به وما هو أصلحُ للمسلمين مِنْ إعزازِ دينِ الله وقَمْعِ أعدائهِ، وإتمام ما فَعَلَهُ الصَّحابة مِن إلزامِهِم بالشُّروط عليهم، ومنعهم من الولايات في جميع أرض الإسلام، ولاَ يَلْتَفِتُ في ذلك إلى مُرْجِفٍ أو مُخَذِّلٍ يقولُ: إنَّ لَنَا عندهم مساجد وأَسْرَى نخاف عليهم، فإن الله تعالى يقول: ? وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ?.

وإذا كان «فوروز» في مملكةِ التَّتار قد هَدَمَ عَامَّة الكنائس على رُغْم أَنفِ أعداءِ الله، فَحِزبُ الله منصور، وجنده الموعود بالنصر إلى قيام الساعة أَوْلَى بذلك وأحق، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنهم لن يزالون ظاهرين إلى يوم القيامة ... ».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير