(كنيسة مريم بجوار كنيسة شنودة هدمها عليّ بن سليمان بن عليّ بن عبد الله بن عباس أمير مصر لما ولي من قبل أمير المؤمنين الهادي موسى في سنة تسع وستين ومائة وهدم كنائس محرس قسطنطين وبذل له النصارى في تركها خمسين ألف دينار فامتنع فلما عزل بموسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس في خلافة هارون الرشيد أذن موسى بن عيسى للنصارى في بنيان الكنائس التي هدمها عليّ بن سليمان فبنيت كلها بمشورة الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة.
وقالا هو من عمارة البلاد واحتجا بأن الكنائس التي بمصر لم تبن إلاّ في الإسلام في زمن الصحابة والتابعين.)
فهذا الليث بن سعد وابن لهيعة - رحمهما الله - وهما فقيها مصر قد ذكرا أن الكنائس بنيت في عصر الصحابة والتابعين
وقصدهم بمصر الفسطاط مع التوسعات التي حصلت للمدينة إلى عصر الرشيد
فالجواب أنهم قصدوا الترميم بدليل أن هناك كنائس بمصر قبل الإسلام
بيان ذلك
(كنيسة بابليون في قبليّ قصر الشمع بطريق جسر الأفرم وهذه الكنيسة قديمة جدًّا وهي لطيفة ويذكر أن كنيسة تاودورس الشهيد: بجوار بابليون نسبت للشهيد تاودورس الاسفهسلار.)
وغيرها من الكنائس
هذا إن صح عنهما ما ذكر
ثم كلام المقريزي هو حول القاهرة فحسب لا الفسطاط
واعلم أن مذهب الليث أن مصر فتحت صلحا باستثناء الإسكندرية
ثم إن العلماء وغيرهم أنكروا على من أذن بشيء من ذلك
مثال
(كنيسة بومنا بالحمراء وتعرف الحمراء اليوم بخط قناطر السباع فيما بين القاهرة ومصر وأحدثت هذه الكنيسة في سنة سبع عشرة ومائة من سني الهجرة بإذن الوليد بن رفاعة أمير مصر فغضب وهيب اليحصبيّ وخرج على السلطان وجاء إلى ابن رفاعة ليفتك به فأخذ وقتل وكان وهيب مدريًا من اليمن قدم إلى مصر فخرج القرّاء على الوليد بن رفاعة غضبًا لوهيب وقاتلوه وصارت معونة امرأة وهيب تطوف ليلًا على منازل القرّاء تحرّضهم على الطلب بدمه وقد حلقت رأسها وكانت امرأة جزلة فأخذ ابن رفاعة أبا عيسى مروان بن عبد الرحمن اليحصبي بالقراء فاعتذر وخلى ابن رفاعة عنهم فسكنت الفتنة بعدما قتل جماعة ولم تزل هذه الكنيسة بالحمراء إلى أن كانت واقعة هدم الكنائس في أيام الناصر محمد بن قلاون على ما يأتي ذكر ذلك والخبر عن هدم جميع كنائس أرض مصر وديارات النصارى في وقت واحد.)
وهذه أيضا يحتمل أن كان هناك كنيسة قديمة
بدليل قول المقريزي
(خط قناطر السباع: كان هذا الخط في اوّل الاسلام يُعرف بالحمراء نزل فيه طائفة تعرف ببني الازرق وبني روبيل ثم دئرت هذه الخطة وبقيت صحراء فيها ديارات وكنائس للنصارى تعرف بكنائس الحمراء فلما زالت دولة بني امية .... الخ)
فالكنائس والديارات بالمنطقة
وفي كتب الحنفية
(وَفِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلْكَرْخِيِّ عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي نَوَادِرِهِ فِي الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ الَّتِي فِي الْأَمْصَارِ بِخُرَاسَانَ وَالشَّامِ قَالَ مَا أَحَاطَ عِلْمِي بِهِ أَنَّهُ مُحْدَثٌ هَدَمْتُهُ وَإِنْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ مُحْدَثٌ تَرَكْته حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ لِأَنَّ الْقَدِيمَ لَا يَجُوزُ هَدْمُهُ وَالْمُحْدَثُ يَجُوزُ هَدْمُهُ فَمَا لَمْ يُعْلَمْ بِسَبَبِ الْهَدْمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بُنِيَ بِحَقٍّ فَلَا نَعْرِضُ لَهُ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: فَإِنْ بَنَوْا فِي بَعْضِ الرَّسَاتِيقِ وَالْقُرَى ثُمَّ اتَّخَذَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ مِصْرًا مُنِعُوا أَنْ يُحْدِثُوا بَعْدَ مَا صَارَ مِصْرًا وَإِذَا كَانَ هَذَا كَلَامُهُمْ فِي الْإِحْدَاثِ وَالْإِبْقَاءِ فَالتَّرْمِيمُ أَسْهَلُ وَلَكِنَّ الْحَقَّ الْمَنْعُ مِنْ التَّرْمِيمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.)
وأما القاهرة فهي في دولة ((الفاطميين)) وهولاء بنوا للنصارى كنائس وهدموا كنائس وفعلوا كل ما يخالف الشرع
فكثير من الكنائس التي أحدثت بعد ذلك هي بعد أن خربت كنائس في عهد الملقب بالحاكم - لعنه الله
فهي ترميم للقديم
وما أحدثوه من الكنائس فهو من أخطاء هذه الدولة الباطنية
وأما قول ابن القاسم فيحتاج إلى شرح واف
ليس هذا وقته
ولكن نقتصر في شرح كلامه على كلام أحد المتأخرين جدا
وهو الدردير
¥