تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[18 - 09 - 08, 10:03 م]ـ

قال محمد محمد حسين رحمه الله في (الإسلام والحضارة الغربية) ص 47:

"أما الوسيلة الأخرى التي اتخذها الاستعمار لإيجاد هذا التفاهم المفقود [بين المسلمين والمستعمرين] وعمل على تنفيذها فهي أبطأ ثماراً من الوسيلة الأولى [تربية العلمانيين]، ولكنها أبقى آثاراً، كما لاحظ اللورد لويد، وهي تتلخص في: تطوير الإسلام نفسه، وإعادة تفسيره؛ بحيث يبدو متفقاً مع الحضارة الغربية، أو قريباً منها، وغير متعارض معها على الأقل، بدل أن يبدو عدواً لها، أو معارضاً لقيمها وأساليبها."انتهى.

وإلى أصحاب التعايش مع الكفرة الذين لا يستطيعون أن يتعايشوا مع إخوانهم علماء السنة ودعاة الحق!! والذين يظنون أن اليهود والنصارى سيرضون عنهم بالتنازلات، نذكرهم نقول:

لقد ذكر الله سبحانه – ومن أصدق من الله قيلاً – أن اليهود والنصارى لن ترضى عن المسلمين إلا إذا اتبعوا ملتهم ودخلوا في دينهم، وإن كانوا قد يفرحون بمداهنتهم واسترضائهم طمعاً فيما وراءه.

ومع ذلك: فقد رتب الله سبحانه الوعيد على مجرد اتباع أهوائهم فقط ولو لم يتبع ملتهم، فقال تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير)، وقال تعالى في الآية الأخرى (ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين).

فهم لا يرضون إلا باتباع (الملة)، والله سبحانه توعد على مجرد اتباع (الهوى)، وكل هذا لتأكيد المفاصلة بين المسلمين والكفار:

يقول ابن جرير رحمه الله تعالى:

"وليست اليهود - يا محمد - ولا النصارى براضية عنك أبداً، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق؛ فإن الذي تدعوهم إليه من ذلك لهو السبيل إلى الاجتماع فيه معك على الألفة والدين القيم".

وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:

" أخبر سبحانه أنه أنعم على بني إسرائيل بنعم الدين والدنيا، وأنهم اختلفوا بعد مجيء العلم بغياً من بعضهم على بعض، ثم جعل محمداً صلى الله عليه وسلم على شريعة شرعها له، وأمره باتباعها، ونهاه عن اتباع أهواء الذين لا يعلمون، وقد دخل في الذين لا يعلمون كل من خالف شريعته.

وأهواءهم: هو ما يهوونه؛ وما عليه المشركون من هديهم الظاهر، الذي هو من موجبات دينهم الباطل، وتوابع ذلك فهم يهوونه، وموافقتهم فيه اتباع لما يهوونه، ولهذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين في بعض أمورهم، ويسرون به ويودون أن لو بذلوا مالاً عظيماً ليحصل ذلك. ولو فرض أن ليس الفعل من اتباع أهوائهم فلا ريب أن مخالفتهم في ذلك أحسم لمادة متابعتهم في أهوائهم وأعون على حصول مرضاة الله في تركها، وأن موافقتهم في ذلك قد تكون ذريعة إلى موافقتهم في غيره، فإن من حام حول الحمى أوشك أن يواقعه، وأي الأمرين كان حصل المقصود في الجملة وإن كان الأول أظهر ... وقد قال: (ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم) ومتابعتهم فيما يختصون به من دينهم وتوابع دينهم اتباع لأهوائهم، بل يحصل اتباع أهوائهم بما هو دون ذلك. ومن هذا أيضا قوله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهوائهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير).

فانظر كيف قال في الخبر (ملتهم)، وفي النهي (أهواءهم)؛ لأن القوم لا يرضون إلا باتباع الملة مطلقاً، والزجر وقع عن اتباع أهوائهم في قليل أو كثير، ومن المعلوم أن متابعتهم في بعض ما هم عليه من الدين نوع متابعة لهم في بعض ما يهوونه أو مظنة لمتابعتهم فيما يهوونه كما تقدم".

ثم إذا لم يستطيعوا إظهار الحق فلا أقل من أن يسكتوا لا أن ينطقوا بالباطل، اتباعا لمفهومهم الخاطيء عن الإيجابية والتي تعني أنه لابد وأن يشاركوا في كل شيء حتى لو كان صدا عن سبيل الله ونصرة للباطل وما كلام القرضاوي وتنفيره عن طالبان- والدنيا كلها تحاصرهم - عنا ببعيد، ومع أنهم مسلمون ومع هذا فلم يستطع التعايش معهم، فماذا يريدون إذن من التعايش؟!

يريدون نشر ما يسمى بـ (التيار الإسلامي الوسطي الجديد) في العالم الإسلامي كله والمدعوم بـ (قوة) من (الحكومات) وهو تيار (الإسلام الأمريكي) الذي يروج للتعايش والسلام والحوار والتسامح وترك (كراهية الآخرين)، ونبذ الجهاد وأهله، مع التيمكين لهم في (القنوات) و (الصحافة) و (الإعلام) و (الفتاوى) و (المحاضرات) و (التعليم) و غيرها، والترويج لما يسمى بـ (المنهج الوسطي المعتدل)، في مقابل ضرب التيار السلفي المسمى بـ (الراديكالي) أو (الوهابي) والتضييق عليه في محاولة استئصاله، والله سبحانه مظهر دينه ولو كره الكافرون.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير