تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والكتابان متقاربان في الحجم، فعمدة القاري (12) مجلداً في 25 جزء، وقد كان ابن حجر والعيني – في بلدة واحدة - مصر- لكن أصل الإمام العيني من بلاد الشام ثم هاجر بعد ذلك إلي مصر واستوطن فيها، وشرحا صحيح البخاري في وقت واحد، وكان كل منهما قاضياً ابن حجر قاضي الشافعية والعيني قاضي الحنفية، والأقران في الغالب يجري بينهم شيء مما يجري بين بني الإنسان، لكن دون أن يصل ذلك إلى معصية أو اعتداء، هذا في الغالب وكما قال الإمام الذهبي: ما أعلم أحداً سلم من الحسد إلا الأنبياء .. ، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم – والحديث في درجة الحسن – [ثلاثة لا ينجو منهن أحد، الظن والطيرة والحسد، وسأخبركم بالمخرج من ذلك: إذا ظننت فلا تتحقق] أي إذا رأيت شخصاً أو تصرفاً فلا تقل لعل هذا حوله ريبة - فهذا ظلم كفارته ألا تتحقق هل توجد تلك الريبة أم لا؟ [وإذا تطيرت فامض ِ] مثلا ً خرجت في صباح ذات يوم فرأيت صورة مكروهه فقلت هذا صباح مشئوم، فلا ترجع إلي البيت، بل امض ِ إلى طريقك وقل: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك، لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يصرف السيئات إلا أنت. [وإذا حسدت فلا تبغي] أي لا تتجاوز وتعتدي. وأنا لا أجزم أنه يقصد الإمام العيني لكن في غالب ظني أنه كذلك.

وأنا أعجب حقيقة لاشتهار فتح الباري بين الناس وعدم انتشار عمدة القاري بينهم ولله في خلقه سر لا يعلمه إلا هو، ولا أقول ذلك لم ينتشر بل هو منتشر لكن ليس له من القدر والمكانة – كما يقال – ما لفتح الباري.

الحاصل .. إن الإمام ابن كثير رجح هذا القول في النهاية (2/ 3) للأمرين المعتبرين اللذين ذكرتهما لكم.

القول الثاني: أن الحوض بعد المرور على الصراط.

وإلى هذا مال الإمام البخاري عليه رحمات ربنا القوي، وفقهه في تراجم أبوابه ومذهبه في تراجم أبوابه، فأورد أحاديث الحوض بعد أحاديث الميزان والشفاعة والصراط، في كتاب الرقاق قال الحافظ ابن حجر:"أشار البخاري إلى أن الحوض يكون بعد الصراط، أورد أحاديث الحوض بعد أحاديث الشفاعة والصراط"

ويفهم من كلام الحافظ ابن حجر الميل إلى هذا القول، حيث قال معللا ً ما سبق

(1) لأن الصراط بين الجنة والموقف ميزابان يغتان ويشخبان في الحوض، فلو كان الحوض في عَرَصَات الموقف وفي ساحة الحساب لكان الصراط حاجزاً بين هذين الميزابين وبين الحوض، فكيف سيصب الميزابان ماءهما في الجنة إلى الموقف وبينهما هذه الفجوة صراط وتحته جهنم. نسأل الله العافية وكل من سقط منه يسقط في جهنم وبئس المصير فإذا كان الأمر كذلك فالحوض بعد الصراط وهو قُبيل الجنة قََبل أن يدخلها المؤمنون يشربون من الحوض ويستقبلهم نبينا عليه الصلاة والسلام عندما ينتهون من الصراط فيسقيهم من حوضه فينتعشون ويفرحون بعد أن مَنَّ الله عليهم بالسلامة ثم يدخلون دار النعيم، وهذا دليل.

(2) دليل آخر قرروا به هذا القول وهو: أنه ثبت في الحديث أن مَنْ شرب مِنَ الحوض لم يظمأ بعده أبداً، وقالوا: إذا لم يكن الحوض بعد الصراط فسنقع في إشكال من هذا النص والنصوص الأخرى وهو أن عصاه الموحدين سيعذبون في نار الجحيم ولا بد أن يعذب منهم قسم لم يغفر الله لهم لأن الأحاديث تواترت في إخراج العاصين من النار وهذا يعني أن هناك عذاباً للعصاة لكن هناك أناس يعفى عنهم وأناس يعذبون، قالوا: فهؤلاء الموحدون اللذين عذبوا في النار هل شربوا من الحوض أم لا؟ إن قلنا لم يشربوا، فالأمر ليس كذلك لأنهم موحدون وليسوا من المخلدين في نار جهنم فهم يستحقون السقيا والشراب إذ كيف يعامل الموحد معاملة المنافق والملحد. وإن قلنا شربوا، فكيف سيلقون في النار، وفي النار سيعطشون. لكن إذا كان الحوض بعد الصراط فلا إشكال لأن من شرب منه دخل الجنة فالذي يعذب في النار، ثم يخرج يجوز على الصراط ثم يشرب من الحوض ويدخل الجنة وحينئذ لا إشكال هنا على هذا القول. وهذا القول على ما وجاهة ما عُلِّلَ به فهو مردود لأمرين:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير