تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأمر الأول: لا مانع أن يكون بين الحوض والجنة فاصل، والميزابان يصبان فيه بطريقة يعلمها الله ولا نعلمها، كما قلنا في النيل والفرات فإنهما يَصبُّ فيهما نهر من أصل سدرة المنتهى بكيفية يعلمها الله ولا نعلمها وكم بينهما من حواجب وفواصل وليس عندنا ميزاب متصل من سدرة المنتهى إلى النيل والفرات إنما هو أمر غيبي أخبرنا عنه نبينا عليه الصلاة والسلام آمنا به ولا نبحث في كيفيته.

والأمر الثاني: قولهم إذا شرب عصاة الموحدين من الحوض وعذبوا في النار سيجدون العطش والظمأ، نقول: لا يشترط هذا فيعذبون بغير أنواع العطش، وذلك ليتميز العصاة في النار عن غيرهم من الكفار الأشرار في أنهم يعذبون ولا يعطشون كرماً من الله وفضلا ً.

فالأمران مردودان، ثم نقول لهم أخبرونا كيف سيذاد ويدفع أناس عن الحوض إذا كان الحوض بعد الصراط؟! فهذا لا يأتي أبداً , فأدلتكم يمكن أن يجاب عنها، أما أدلة القول الأول فلا يمكن الإجابة عنها مطلقاً؛ ولذلك القول الأول هو الصحيح وعليه المعول بأن الحوض قبل الصراط والعلم عند الله.

الأمر الرابع: هل للأنبياء عليهم الصلاة و السلام أحواض في عَرَصَات الموقف وساحة الحساب كما لنبينا عليه الصلاة والسلام حوض:

سبق أن ذكرنا أن العبرة في هذا الموضوع على النقل لا على العقل، فعمدتنا المنقول الثابت ولا دخل للاجتهاد ولا للمعقول.

وقد ورد في ذلك حديث لكن اختلف في درجته، روى الإمام الترمذي في سننه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [إن لكل نبي حوضاً ترده أمته وإنهم ليتباهون أيهم أكثر وارداً، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم وارداً].

(يتباهون) أي يتحدثون بنعمة الله عليهم بمنزلة حوضهم وبمن سيرده.

(أيهم أكثر وارداً) أي جماعة يردون على حوضه.

وهذا الرجاء والذي رجاه الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث حققه الله له، فأكثر أهل الجنة من أمته، وأكثر الأحواض التي سيردها الموحدون المؤمنون هو حوض نبينا عليه الصلاة والسلام ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يقول ربنا فيه: [يا آدم قم فابعث بعث النار من كل ألف واحد إلى الجنة وتسعمائة وتسع وتسعون إلى النار، فخاف الصحابة وارتاعوا فقال صلى الله عليه وسلم: أنتم في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، فكبروا، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، فكبروا، قال: إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا، وقال: إني لأرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنة] والحديث في الصحيحين.

وقد ثبت في المستدرك وغيره بسند صحيح عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: [أهل الجنة عشرون ومائة صف، ثمانون صفاً منهم من هذه الأمة] ونحن مع ذلك نرجو أن يكون كل صف من هذه الأمة أضعافاً مضاعفة على سائر الصفوف الأخرى، فهي ثلثان في عدد الصفوف لكن نرجو أن تكون في عدد الأفراد أكثر بكثير، ونسبة هذه الأمة في الجنة لا تنقص عن الثلثين وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: [ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، إنما كان الذي أوتيت وحياً أوحى الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة] وهذا لفظ مسلم.

فهذا الرجاء حققه الله لخاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام.

ومعنى الحديث أن كل نبي أعطى من الآيات ما آمن على مثله البشر، أي البشر يؤمنون بمثل هذه الآيات عندما تظهر وهي خوارق العادات (المعجزات كما أيد الله أنبياءه السابقين بمعجزة، فكل من رأى تلك المعجزة يُؤمن كما هو الحال في نبي الله عيسى عليه السلام يبرأ الأكمة والأبرص ويحي الموتى بإذن الله، لكن تلك المعجزة مضت وانقضت، فالذين جاؤوا بعد ذلك لم يروها، ولذلك قد يحصل عندهم ارتياب في أمر النبي عليه صلوات الله وسلامه، أما ما يتعلق بهذه الأمة، فمعجزة نبينا عليه الصلاة والسلام هي القرآن، وهذه المعجزة يراها المتأخر كما رآها المتقدم، فأبو بكر رضي الله عنه وآخر فرد في هذه الأمة بالنسبة لرؤية معجزة النبي عليه الصلاة والسلام سواء، فجعل الله معجزة نبينا عليه الصلاة والسلام عين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير