[نداءات الرحمن لأهل الإيمان 3]
ـ[محمد محمود يوسف]ــــــــ[05 - 04 - 07, 10:45 م]ـ
النداء الثالث: الشكر
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أما بعد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة:172].
خاطب الله سبحانه عباده المؤمنين بلفظ الإيمان، لأنهم هم المنتفعون على الحقيقة بالأوامر والنواهي بسبب إيمانهم، قال تعالى: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات: 55]، فأمرهم سبحانه وتعالى بأكل الطيبات من الرزق والشكر لله على إنعامه باستعمالها في طاعته والتوقي بها على ما يوصل إليه.
{يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم، واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون. إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله. فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه. إن الله غفور رحيم. إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمناَ قليلاً، أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار، ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم. أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار! ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق، وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد}. .
إن الله ينادي الذين آمنوا بالصفة التي تربطهم به سبحانه، وتوحي إليهم أن يتلقوا منه الشرائع؛ وأن يأخذوا عنه الحلال والحرام. ويذكرهم بما رزقهم فهو وحده الرازق، ويبيح لهم الطيبات مما رزقهم؛ فيشعرهم أنه لم يمنع عنهم طيباً من الطيبات، وأنه إذا حرم عليهم شيئاً فلأنه غير طيب، لا لأنه يريد أن يحرمهم ويضيق عليهم - وهو الذي أفاض عليهم الرزق ابتداء - ويوجههم للشكر إن كانوا يريدون أن يعبدوه وحده بلا شريك. فيوحي إليهم بأن الشكر عبادة وطاعة يرضاها الله من العباد. . كل أولئك في آية واحدة قليلة الكلمات:
{يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون}.
ثم يبين لهم المحرمات من المآكل نصاً وتحديداً باستعمال أداة القصر {إنما}. .
{إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله}. .
والميتة تأباها النفس السليمة وكذلك الدم. فضلاً على ما أثبته الطب - بعد فترة طويلة من تحريم القرآن والتوراة قبله بإذن الله - من تجمع الميكروبات والمواد الضارة في الميتة وفي الدم، ولا ندري إن كان الطب الحديث قد استقصى ما فيهما من الأذى أم إن هناك أسباباً أخرى للتحريم لم يكشف عنها بعد للناس.
فأما الخنزير فيجادل فيه الآن قوم. . والخنزير بذاته منفر للطبع النظيف القويم. . ومع هذا فقد حرمه الله منذ ذلك الأمد الطويل ليكشف علم الناس منذ قليل أن في لحمه ودمه وأمعائه دودة شديدة الخطورة (الدودة الشريطية وبويضاتها المتكيسة). ويقول الآن قوم: إن وسائل الطهو الحديثة قد تقدمت، فلم تعد هذه الديدان وبويضاتها مصدر خطر لأن إبادتها مضمونة بالحرارة العالية التي توافرها وسائل الطهو الحديثة. . وينسى هؤلاء الناس أن علمهم قد احتاج إلى قرون طويلة ليكشف آفة واحدة. فمن ذا الذي يجزم بأن ليس هناك آفات أخرى في لحم الخنزير لم يكشف بعد عنها؟ أفلا تستحق الشريعة التي سبقت هذا العلم البشري بعشرات القرون أن نثق بها، وندع كلمة الفصل
¥