[آيات الأسماء والصفات .. للفهم لا للتصور.]
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[28 - 05 - 08, 06:44 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه.
[آيات الأسماء والصفات .. للفهم لا للتصور.]
هذه قاعدة نفيسة يجب التزامها في كل آيات الأسماء والصفات ..
1 - شرحها:
الفهم إدراك للمعنى بالذهن ..
التصور استحضار للمعنى بالتخيل ..
الفهم يتعلق بالفكرة وهي تجريد
أما التصور فلا يتعلق إلا بما هو حسي .. ويستحيل تخيل ما لا يقع عليه الحس.
كل الطوائف -غير السلفية- وقعت في محظور القفز من الفهم إلى التصور ... فحدثت الكوارث المنهجية الثلاث:
-التأويل
-التعطيل أو التفويض
-التجسيم.
هذه المنهجيات الثلاث-رغم تعارضها- بمثابة ردة فعل تجاه سلوك ذهني واحد .. !!
"نزول" الرب مفهوم عند جميعهم إلا عند الأعاجم ...
كان من الممكن أن تنتهي القصة هنا .. لولا أن الشيطان زين لهم أن الفهم لا يعتد به إلا إذا اقترن بالتصور ... فشرعوا في" تصور" نزول الرب فأراهم خيالهم ما قذف في قلوبهم الرعب .. فمنهم من فر إلى التأويل،ومنهم من ألغى الفهم نفسه فعطل فريق وفوض فريق،ومنهم من استأنس للتخييل واعتقد التماهي في الفهم والتصور .. فكان منهم المجسمة.
2 - شرحها مع تطبيق:
تأمل جيدا هاتين الآيتين:
وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا {15} قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً {16}
قف عند هذا الوصف: قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ .. وقل لي:
-هل هو مفهوم عند الأشعري ..
-نعم هو مفهوم عنده.
-ماذا فهم الأشعري تحديدا؟
-فهم أن الأكواب الزجاجية مصنوعة من فضة .. الأكواب مفهومة،والقوارير مفهومة، والفضة مفهومة ..
-وكيف ترى حال المعتزلي مع الآية؟
-لا أعتقد أنه يستشكل شيئا في الآية ... أكواب و قواريرو فضة .. أمور مألوفة تملأ أسواق الكرخ وخان الخليلي.
-حسنا .. لا إشكال في الفهم .. ولكن ماذا لو حاولنا التصور؟
-لا إشكال في التصور أيضا،أستطيع أن أستحضر في مخيلتي كأسأ من فضة ...
-أظن أنك متسرع ... ولم تعط العناصر حقها.
-ماذا تعني؟
-أعني أن التصورفي الحقيقة مشكل بل محال .. !!
-كيف؟
-هذه الأكواب مستحيلة .. لأنها يجب أن تكون شفافة وغير شفافة في وقت واحد.
-لعلك تعني أن كونها قوارير يلزم عنه شفافية .. وكونها من فضة يلزم عنه العكس ...
-بالضبط ... وخيالك المسكين مهما تحاذق سيرجع خاسئا وهو حسير .. فإن استحضر الزجاج غابت عنه الفضة .. وإن استحضر الفضة غاب عنه الزجاج ...
قد يقتفي أثر الفضة وهي " تشحذ" و"تدق" و"تلطف" حتى تصبح شفافة .. لكن أين هي الفضة بعد إذ صارت شفافة .. !!
وقد يقتفي أثر الزجاجة وهي تثخن و"تتمعدن"و"تتفلز" حتى تصير فضة .. ولكن أين الزجاج بعد إذ صار فضة.!!
تركيب الصورة متعب جدا .. هل سمعت عن سيزيف!
-حقا هذا ترويض للذهن صعب جدا .. أشعر معه بصداع ودوار .. ما رأيك لو وقفنا عند الفهم الأول ... أو-إن شئتت-عند أول الفهم.
ـ[عبد المصور]ــــــــ[28 - 05 - 08, 08:28 ص]ـ
نقف يا أخي
ثقة في كلام ربنا
و آعترافا بمحدودية عقولنا
ولانقيس غائبا على شاهد
وجزاك الله خيرا
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[28 - 05 - 08, 04:17 م]ـ
جزاك الله خيرا
بالنسبة لقياس الغائب على المشاهد ليس على إطلاقه
قال شيخ الإسلام رحمه الله:رحمه الله: لا ريب أن قياس الغائب على الشاهد يكون تارة حقاً وتارة باطلاً , وهو متفق عليه بين العقلاء؛ فإنهم متفقون على أن الإنسان ليس له أن يجعل كل ما لم يحسه مماثلاً لما أحسه إذ من الموجودات أمور كثيرة لم يحسها , ولم يحس ما يماثلها من كل وجه بل من الأمور الغائبة عن حسه ما لا يعلمه أو ما يعلمه بالخبر بحسب ما يمكن تعريفه به كما أن منها ما يعلمه بالقياس والاعتبار على ما شاهده , وهذه هو المعقول كما أن الأول هو المسموع والمحسوس ابتداء هو ما يحسه بظاهرة أو باطنه , وهذا بين.
"بيان تلبيس الجهمية " (1
317)
وقال ابن أبي العز الحنفي في شرحه للطحاوية (105)
" وأما ما يخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من الأمور الغائبة فقد يكون مما أدركوا نظيره بحسهم وعقلهم كإخبارهم بأن الريح قد أهلكت عاداً؛ فإن عاداً من جنسهم , والريح من جنس ريحهم , وإن كانت أشد.
¥