من خشب.
وجددت القبة زمن الناصر حسن بن محمد قلاوون، ثم اختلت ألواح
الرصاص عن موضعها، وجددت، وأحكمت أيام الأشرف شعبان بن
حسين بن محمد سنة 765 هـ، وحصل بها خلل، وأصلحت زمن
السلطان قايتباي سنة 881هـ.
وقد احترقت المقصورة والقبة في حريق المسجد النبوي الثاني سنة 886
هـ، وفي عهد السلطان قايتباي سنة 887هـ جددت القبة، وأسست لها
دعائم عظيمة في أرض المسجد النبوي، وبنيت بالآجر بارتفاع متناه
، ....
بعد ما تم بناء القبة بالصورة الموضحة: تشققت من أعاليها، ولما لم
يُجدِ الترميم فيها: أمر السلطان قايتباي بهدم أعاليها، وأعيدت محكمة
البناء بالجبس الأبيض، فتمت محكمةً، متقنةً سنة 892 هـ.
وفي سنة 1253هـ صدر أمر السلطان عبد الحميد العثماني بصبغ القبة
المذكورة باللون الأخضر، وهو أول من صبغ القبة بالأخضر، ثم لم يزل
يجدد صبغها بالأخضر كلما احتاجت لذلك إلى يومنا هذا.
وسميت بالقبة الخضراء بعد صبغها بالأخضر، وكانت تعرف بالبيضاء،
والفيحاء، والزرقاء" انتهى.
" فصول من تاريخ المدينة المنورة " علي حافظ (ص 127، 128
).
ثانياً:
حكمها
وقد أنكر أهل العلم المحققين - قديماً وحديثاً – بناء تلك القبة، وتلوينها
، وكل ذلك لما يعلمونه من سد الشريعة لأبواب كثيرة خشية الوقوع في
الشرك.
ومن هؤلاء العلماء:
1. قال الصنعاني – رحمهُ اللهُ – في " تطهير الاعتقادِ ":
"فإن قلت: هذا قبرُ الرسولِ صلى اللهُ عليه وسلم قد عُمرت عليه قبةٌ
عظيمةٌ انفقت فيها الأموالُ.
قلتُ: هذا جهلٌ عظيمٌ بحقيقةِ الحالِ، فإن هذه القبةَ ليس بناؤها منهُ
صلى اللهُ عليه وسلم، ولا من أصحابهِ، ولا من تابعيهم، ولا من تابعِ
التابعين، ولا علماء الأمةِ وأئمة ملتهِ، بل هذه القبةُ المعمولةُ على قبرهِ
صلى اللهُ عليه وسلم من أبنيةِ بعضِ ملوكِ مصر المتأخرين، وهو قلاوون
الصالحي المعروف بالملكِ المنصورِ في سنةِ ثمانٍ وسبعين وست مئة،
ذكرهُ في " تحقيقِ النصرةِ بتلخيصِ معالمِ دارِ الهجرةِ "، فهذه أمورٌ
دولية لا دليليةٌ " انتهى.
2. وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
هناك من يحتجون ببناء القبة الخضراء على القبر الشريف بالحرم النبوي
على جواز بناء القباب على باقي القبور، كالصالحين، وغيرهم، فهل
يصح هذا الاحتجاج أم ماذا يكون الرد عليهم؟
فأجابوا:
" لا يصح الاحتجاج ببناء الناس قبة على قبر النبي صلى الله عليه وسلم
على جواز بناء قباب على قبور الأموات، صالحين، أو غيرهم؛ لأن بناء
أولئك الناس القبة على قبره صلى الله عليه وسلم حرام يأثم فاعله؛
لمخالفته ما ثبت عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب
رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله
عليه وسلم؟ ألا تدع تمثالاً إلا طمستَه، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته.
وعن جابر رضي الله عنه قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن
يجصَّص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه) رواهما مسلم في
صحيحه، فلا يصح أن يحتج أحد بفعل بعض الناس المحرم على جواز
مثله من المحرمات؛ لأنه لا يجوز معارضة قول النبي صلى الله عليه
وسلم بقول أحد من الناس أو فعله؛ لأنه المبلغ عن الله سبحانه، والواجب
طاعته، والحذر من مخالفة أمره؛ لقول الله عز وجل: (وَمَا آتَاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) الحشر/ 7.
وغيرها من الآيات الآمرة بطاعة الله وطاعة رسوله؛ ولأن بناء القبور،
واتخاذ القباب عليها من وسائل الشرك بأهلها، فيجب سد الذرائع الموصلة
للشرك " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن
قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9/ 83، 84).
3. وقال علماء اللجنة الدائمة – أيضاً -:
" ليس في إقامة القبة على قبر النبي صلى الله عليه وسلم حجة لمن
يتعلل بذلك في بناء قباب على قبور الأولياء والصالحين؛ لأن إقامة القبة
على قبره: لم تكن بوصية منه، ولا من عمل أصحابه رضي الله عنهم
، ولا من التابعين، ولا أحد من أئمة الهدى في القرون الأولى التي شهد لها
النبي صلى الله عليه وسلم بالخير، إنما كان ذلك من أهل البدع، وقد ثبت
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس
¥