تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

النصيحة الإيمانية لأهل المِلَّة النصرانية.

ـ[محمد المبارك]ــــــــ[07 - 06 - 08, 11:30 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمدالصادق الأمين، آخر الأنبياء وخاتم المرسلين، وعلى من آمن به و اتبع هداه إلى يوم الدين.

و بعدُ، فإنَّ من لوازم الإيمان العقلية والفِطرية توحيد الخالق عز وجل و تنزيهه عن مشابهة المخلوقين، إذ فُطِر الناس جميعاً على اعتقاد وحدانية الله عز و جل،و على تنزيهه عزوجل عمَّا لا يليق بمقام الخالق جلَّ و علا.

و هذا ما دعا إليه جميع الأنبياء ـ بلا استثناء ـ إذ أن الفرق بين الإيمان السليم و الوثنية هو التوحيد، فهذا مِمَّا يكادُ يتفق عليه العُقلاء، و لذلك يعتذر النصارى عمَّا وقعوا فيه من شرك التثليث بأن الثلاثة الأقانيم واحدٌ في الكيان، و هذا القول وإن سهًُل عليهم لفظاً فإنه مستحيلٌ في المعنى، و لكنَّهم أُلجِؤوا إليه لدرءِ شيءٍ من وقع شناعة التثليث على بشاشة القلوب.

و جميع النبوات من أولها إلى آخرها تجتمع على أصول متفق عليها في شأن "ربوبية " الخالق عز و جل، و هي:

الأول: أن الله سبحانه وتعالى قديم واحد لا شريك له في ملكه ولا نِدَّ ولا ضِدَّ ولا وزيرَ ولا مُشير ولا ظهير ولا شافع إلا من بعد إذنه عز وجل.

الثاني: أنه لا والد له ولا ولد ولا كفؤ ولا نسيب بوجه من الوجوه ولا زوجة له عزو جل.

الثالث: أنه غني بذاته فلا يأكل ولا يشرب ولا يحتاج إلى شئ مما يحتاج إليه خلقه بوجه من الوجوه.

الرابع: أنه لا يتغير ولا تعرض له الآفات من الهرم والمرض والسِّنة والنوم والنسيان والندم والخوف والهم والحزن ونحو ذلك.

الخامس: أنه لا يماثل شيئاً من مخلوقاته فيجب تنزيهُه عزوجل عن مشابهة البشر،والإيمان بأنه عزوجل في عليائه، متفرد بكبريائه،لا يحل في ذاته شئ منها بل هو بائن عن خلقه بذاته والخلق بائنون عنه.

السادس: أنه لا يحِلُّ عز و جلَّ في شيء من مخلوقاته، ولا يحِلُّ في ذاته شيء منها، بل هو بائن عن خلقه بذاته، والخلق بائنون عنه.

السابع: أنه أعظم من كل شئ وأكبر من كل شئ وفوق كل شئ وعال على كل شئ وليس فوقه شئ البتة.

الثامن: أنه قادر على كل شئ فلا يعجزه شئ يريده بل هو الفعال لما يريد.

التاسع: أنه علاَّم بكل شئ يعلم السرَّ وأخفى ويعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس و لا متحرك إلا وهو يعلمه على حقيقته.

العاشر: أنه سميع بصير يسمع ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات، ويرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، فقد أحاط سمعه بجميع المسموعات، وبصره بجميع المبصَرات، وعلمه بجميع المعلومات، وقدرته بجميع المقدورات، ونفذت مشيئته في جميع البريَّات، وعمَّت رحمته جميع المخلوقات، ووسِع كرسيه الأرض والسموات.

الحادي عشر:أنه الشاهد الذي لا يغيب ولا يستخلف أحداً على تدبير ملكه ولا يحتاج إلى من يرفع إليه حوائج عباده أو يعاونه عليها أو يستعطفه عليهم ويسترحمه لهم.

الثاني عشر: أنه الأبدي الباقي الذي لا يضمحل ولا يتلاشى ولا يعدم ولا يموت.

الثالث عشر: أنه المتكلم الآمر الناهي قائل الحق وهادي السبيل ومرسل الرسل ومنزل الكتب والقائم على كل نفس بما كسبت من الخير والشر، ومجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته.

الرابع عشر: أنه الصادق في وعده وخبره، فلا أصدق منه قيلا. ولا أصدق منه حديثاً، وهو عز و جل لا يُخلف الميعاد.

الخامس عشر: أنَّه تعالى الكامل الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه، فهو المبرأ من كل عيب وآفة ونقص.

السادس عشر: أنه العدل الذي لا يجور ولا يظلم ولا يخاف عباده منه ظلماً.

فهذا مما اتفقت عليه جميع الرسل و الكتب السماوية الصحيحة، وهو من المُحكَم الذي لا يجوز أن تأتي شريعة بخلافه ولا يخبر نبي بخلافه أصلاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير