[موقف علماء الجزائر من الإمام محمد بن عبد الوهاب ودعوته السلفية]
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[10 - 06 - 08, 09:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
«موقف علماء الجزائر من الإمام محمد بن عبد الوهاب ودعوته السلفية»
(راجعه وصححه فضيلة الشيخ البحاثة سليمان بن صالح الخراشي - حفظه الله -)
توطئة
هذه كلمات جليلة، وعبارات نبيلة لعلماء أجلاء من القطر الجزائري، موضوعها الثناء على الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، ومقصودها الذب عن دعوته الإصلاحية السلفية، نفضتُ عنها غبار النسيان والإهمال، حتى تكون شهباً وصواعق على أهل الشرك والضلال.
والسبب الذي دفعني وحفزني إلى ذلك هو إبراز موقف علماء الجزائر - ممن لهم مكانة عند القاصي والداني - من دعوة الشيخ ابن عبد الوهاب الإصلاحية النجدية، وفي هذا رد على من طعن ويطعن في الدعوة السلفية بالجزائر وينبزها بـ " الوهابية "، و" الوهابية " بزعمهم ضلال مبين، ومروق عن الدين، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
بل وصل الحال بأحدهم أن سطر في إحدى الصحف بالبنط العريض، قوله البغيض: (الوهابية أخطر من الشيعة)؛ (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا).
وقبل الشروع في المقصود ألفت نظرك - أيها القاريء الكريم - إلى أمرين مهمين:
الأول: حرص علماء أهل السنة - وإن نأت بهم الديار - على معرفة حقيقة " الدعوة الوهابية " من خلال كتب علمائها، أو من خلال ما كتب عنها من الثقات - على قلة ما وصلهم منها -، مع تجنب الاعتماد على كتب خصومها عنها - على كثرتها -، وقد وفِّقوا في هذا الأمر إلى حد بعيد، ولله الحمد.
وقارن بين تحري هؤلاء العلماء للحق - في زمن قلَّت فيه وسائل البحث والتحقيق -، وبين صنيع عدد من الدكاترة والباحثين - الجزائريين - ممن كتبوا عن الشيخ ابن عبد الوهاب ودعوته الإصلاحية، وجل اعتمادهم - إن لم يكن كله - على ما كتبه الخصوم عنهم، (وأنى تعرف الحقائق من مثل هاته الكتب أو تلك، أم كيف يؤخذ حقيقة قوم من كتب خصومهم؟) كما قال ابن باديس - رحمه الله -.
الثاني: تضمن الكلمات والعبارات التي ستقر بها عينك - بعد قليل - على رد ونقض أغلب الشبه والتهم المثارة على الدعوة الوهابية، وفيها - أيضا - رد ونقض للافتراءات التي رميت بها جمعية العلماء لمَّا قامت بدعوة المسلمين في الجزائر إلى التوحيد والاتباع، ونبذ الشرك والابتداع.
فتهمة الوهابية هي التهمة الجاهزة التي يرمي بها دعاةُ الشرك والضلالة دعاةَ التوحيد والرسالة في كل زمان ومكان، فما دام المصلحون ينكرون الشرك والبدع فهم وهابيون شاءوا أم أبوا، وهذه التهمة - بزعمهم - هي الجرح الذي لا برأ منه، والله المستعان.
بل وصل الأمر بعلماء السوء إلى تحريض إدارة الاحتلال الفرنسي على علماء الدعوة السلفية، فكان أن أصدر الكاتب العام للشؤون الأهلية والشرطة العامة " ميشال " قراره المشهور بتاريخ (16 فبراير 1933 م)، جاء فيه ما نصه:
(أُنهي إليَّ من مصادر متعددة أن الأهالي دخلت عليهم الحيرة والتشويش بسبب دعاية تنشر في أوساطهم يقوم بها إما دعاة استمدوا فكرتهم من الحركة الوهابية السائدة بمكة، وإما حجاج جزائريون تمكنت فيهم عاطفة التعصب الإسلامي ... وإما جمعيات كجمعية العلماء المؤسسة بالجزائر بقصد افتتاح مدارس عربية حرة لتعليم القرآن والعربية ...
إن المقصد العام من هذه الدعاية هو نشر التعاليم والأصول الوهابية بين الأوساط الجزائرية بدعوى الرجوع بهم إلى أصول الدين الصحيح وتطهير الإسلام من الخرافات القديمة التي يستغلها أصحاب الطرق وأتباعهم، ولكن لا يبعد أن يكون في نفس الأمر وراء هذه الدعاية مقصد سياسي يرمي إلى المس بالنفوذ الفرنسوي.
لا يخفى أن أكثر رؤساء الزوايا وكثيرا من المرابطين المعظَّمين في نفوس الأهالي اطمأنت قلوبهم للسيادة الفرنسوية، وبمقتضاه صاروا يطلبون الاعتماد على حكومتنا لمقاومة الأخطار التي أمست تهددهم من جراء تلك الجمعية التي لا يزال أنصارها يتكاثرون يوما فيوما بفضل دعاية متواصلة الجهود، ماهرة الأساليب، وعلى الأخص فيما بين الناشئة المتعلمة بالمدارس القرآنية).
¥