تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لم تكن هاته الغاية التي رمى إليها بالقريبة المنال ولا السهلة السبل، فإن البدع والخرافات باضت وفرخت في العقول، وانتشرت في سائر الطوائف وجميع الطبقات على تعاقب الأجيال في العصور الطوال؛ يشب عليها الصغير، ويشيب عليها الكبير، أقام لها إبليس من جنده من الجن والإنس أعوانا وأنصارا، وحراسا كبارا من زنادقة منافقين، ومعمَّمين جامدين محرفين، ومتصوفة جاهلين، وخطباء وضَّاعين.

فما كانت - وهذا الرسوخ رسوخها، وهذه المنعة منعتها - لتقوى على فعلها طائفة واحدة كـ " الوهابيين " في مدة قليلة، ولو أعدَّت ما شاءت من العدة، وارتكبت ما استطاعت من الشدة)، إلى أن قال: (إن الغاية التي رمى إليها ابن عبد الوهاب، وسعى إليها أتباعه، هي التي لا زال يسعى إليها الأئمة المجددون، والعلماء المصلحون في جميع الأزمان).

ثم قال (ص 34): (بان بهذا أن الوهابيين ليسوا بمبتدعين لا في الفقه ولا في العقائد، ولا فيما دعوا إليه من الإصلاح، وإنما تنكر عليهم الشدة والتسرع في نشر الدعوة وما فعله جهالهم).

2 – وقال ابن باديس وهو يرد على بعض خصوم الدعوة الإصلاحية بالجزائر في (العدد 3) من جريدة " الصراط السوي " (5 جمادى الثانية 1352 هـ / 5 سبتمبر 1933 م، ص 4): (ثم يرمي الجمعية بأنها تنشر المذهب الوهابي، أفتعد الدعوة إلى الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة وطرح البدع والضلالات واجتناب المرديات والمهلكات؛ نشرا للوهابية؟!!، أم نشر العلم والتهذيب وحرية الضمير وإجلال العقل واستعمال الفكر واستخدام الجوارح؛ نشرا للوهابية؟!!، إذاً فالعالم المتمدن كله وهابي! فأئمة الإسلام كلهم وهابيون! ما ضرنا إذا دعونا إلى ما دعا إليه جميع أئمة الإسلام وقام عليه نظام التمدن في الأمم إن سمانا الجاهلون المتحاملون بما يشاءون، فنحن - إن شاء الله - فوق ما يظنون، والله وراء ما يكيد الظالمون.

ثم يقول: " إننا مالكيون " ومن ينازع في هذا؟!! وما يقرئ علماء الجمعية إلا فقه مالك، ويا ليت الناس كانوا مالكية حقيقة إذاً لطرحوا كل بدعة وضلالة، فقد كان مالك - رحمه الله - كثيرا ما ينشد: وخير أمور الدين ما كان سنة * وشر الأمور المحدثات البدائع) (2).

3 – ونشر الشيخ ابن باديس في (العدد 164) من جريدة " الشهاب " (6 ربيع الثاني 1347 هـ / 20 سبتمبر 1928 م) – نقلا عن مجلة " المنار " – رسالة الشيخ العلامة عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى الشيخ العلامة عبد الله الصنعاني – رحم الله الجميع -، وقدم لها بكلام رائق جاء فيه (ص 2 - 3): (لم يزل في هذه الأمة في جميع أعصارها وأمصارها من يجاهد في سبيل إحياء السنة وإماتة البدعة بكل ما أوتي من قدرة. ولما كانت كل بدعة ضلالة محدثة لا أصل لها في الكتاب ولا في السنة كان هؤلاء المجاهدون كلهم (يدعون الناس إلى الرجوع في دينهم إلى الكتاب والسنة وإلى ما كان عليه أهل القرون الثلاثة خير هذه الأمة الذين هم أفقه الناس فيها، وأشدهم تمسكا بهما)، هذه الكلمات القليلة المحصورة بين هلالين هي ما تدعو إليه هذه الصحيفة منذ نشأتها (3)، ويجاهد فيه المصلحون من أنصارها ... وهي ما كان يدعو إليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، وهي ما كان يدعو إليه جميع المصلحين في العالم الإسلامي ... الكتاب واحد، والسنة واحدة، والغاية – وهي الرجوع إليهما – واحدة، فبالضرورة تكون الدعوة واحدة، بلا حاجة إلى تعارف ولا ارتباط، وإن تباعدت الأعصار والأمصار، هذه الحقيقة يتعامى عليها المبتدعون ذوو الأغراض عنها، فيصورون من خيالاتهم أشباحا وهمية للدعوة الإصلاحية الدينية المحضة التي نقوم بها، فيقولون عنها (عبدوية) ويقولون عنها (وهابية) ويقولون ويقولون .. وهم في الجميع متقولون.

يتقول المتقولون على هذه الدعوة على ظهور حقيقتها ووضوح طريقتها ويخصصون أتباع الشيخ ابن عبد الوهاب بالقسط الكبير، وقد وقفنا في رصيفتنا مجلة " المنار " الغراء على كتاب للشيخ [عبد الله] ابن عبد الوهاب فيه بيان ما كان يدعو إليه من توحيد واتباع، وهو قاطع بكل خصم يقول عنه بجهل أو افتراء، نقلناه عنها ونشرناه فيما يلي) (4).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير